وإن لم يكن كذلك يصدق عليه أنه من أكبر الجهال، والحمار أفضل منه كما قال:
فضل الحمار على الجهول بخلة * معروفة عند الذي يدريها إن الحمار إذا توهم لم يسر * وتعاود الجهال ما يؤذيها وما أحسن ما قيل:
فما لك والتردد حول نجد * وقد غصت تهامة بالرجال (حلفت لها بالله حلفة فاجر * لناموا فما إن من حديث ولا صالي) في سورة الأعراف عند قوله تعالى (ولقد أرسلنا) من جهة أنهم لا يكادون ينطقون بهذه اللام إلا مع قد، وقل عنهم حذفها نحو قوله: حلفت لها الخ: وإنما كان ذلك لأن الجملة القسمية لا تساق إلا تأكيدا للجملة المقسم عليها التي هي جوابها، فكان مظنة لمعنى التوقع الذي هو معنى قد عند استماع المخاطب كلمة القسم. وقوله لناموا جواب حلفت. والصالي: الذي يصطلي بالنار. يقول: طرقت المحبوبة فخافت من الرقباء وأنكرت طروقي إليها فحلفت لها حلفة فاجر إن القوم نيام وأن ليس فيهم يقظان محدث أو مسطل بالنار. والبيت لامرئ القيس من قصيدته المشهورة اللامية التي سبق ذكرها ولها قصة مشهورة، وفي شروح الشواهد مسطورة. قيل إن امرأ القيس سرى إلى ابنة قيصر الروم ليلا فقالت له: أتريد أن تفضحني؟ ألست ترى السمار والرقباء حولي راقدين؟ ومنعته من الإقامة عندها، فقال امرؤ القيس مجيبا لها: والله لا أبرح حتى أنال حاجتي منك ولو قتلت وقطعت إربا إربا، والقصيدة مشهورة، وأولها كما تقدم:
ألا عم صباحا أيها الطلل البالي * وهل يعمن من كان في العصر الخالي وهل يعمن إلا سعيد مخلد * قليل الهموم ما يبيت بأوجال وهل يعمن من كان آخر عهده * ثلاثين شهرا في ثلاثة أحوال ألا زعمت بسباسة اليوم أنني * كبرت وأن لا يشهد اللهو أمثالي بلى رب يوم قد لهوت وليلة * بآنسة كأنها خط تمثال تنورتها من أذرعات وأهلها * بيثرب أدنى دارها نظر عالي نظرت إليها والنجوم كأنها * مصابيح رهبان تشب لقفال سموت إليها بعد ما نام أهلها * سمو حباب الماء حالا على حال فقلت يمين الله أبرح قاعدا * ولو قطعوا رأسي لديك وأوصالي فلما تنازعنا الحديث وأسمحت * هصرت بغصن ذي شماريخ ميال وصرت إلى الحسنى ورق كلامها * ورقت فذلت صعبة أي إذلال حلفت لها بالله حلفة فاجر * لناموا فما إن من حديث ولا صالي فأصبحت معشوقا وأصبح بعلها * عليه قتام كاسف الظن والبال يغط غطيط البكر شد خناقه * ليقتلني والمرء ليس بقتال