المضاف لأن تعرفه من غيره، والسبب في جعل الأعرف خبرا هنا شدة الاهتمام والعناية بما جعل اسما، وتوجيه ذلك أن خير مضاف إلى من وهو نكرة: أي خير شخص، ولو جعلته موصولا بمعنى الذي انتفى التعدد الذي تقتضيه من ظاهرا. قال صاحب الكشاف. كيف ينتفى ومن يصلح للواحد والجمع على أنه إذا أريد بالواحد الجنس جاء التعدد أيضا، بل السبب في ذلك أن القوى الأمين أعرف من خير، فإن إضافة أفعل التفضيل غير محضة على رأى، ألا ترى كيف يقول الشاعر: ألا إن خير الناس الخ. ولا يجئ فيه أنه مضاف إلى نكرة وإن سلم له، إذ القوى الأمين لما كان مرادا به موسى كما كان المراد بأمير ثقيف خالد بن عبد الله القسري صح أنه أعرف. وما ذكرناه أظهر لأنه من باب إرسال المثل والمتناول الأول فليس كالبيت في التعيين، والبيت لأبى الشغب العبسي في خالد بن عبد الله القسري وهو أسير في يد يوسف بن عمر، وبعده:
لعمري لئن عمرتم السجن خالدا * وأوطأتموه وطأة المتثاقل لقد كان نهاضا بكل ملمة * ومعطى اللهى غمرا كثير النوافل (وردئي كل أبيض مشرفي * شحيذ الحد عضب ذي فلول) هو لسلامة بن جندل. في سورة القصص عند قوله تعالى (ردءا يصدقني) والردء: اسم مايعان به، فعل بمعنى مفعول به كما أن الدف ء اسم لا يدفأ به. وقرئ ردا بالتخفيف كما قرئ الخب، يقال ردأته: أعنته. كل أبيض: كل سيف، والمشرفي صفته. وقوله شحيذ الحد: تقول شحذت السيف: حددته، وسيف عضب:
إذا كان صارما. وذي فلول: من قراع الأعداء. يقول: كل سيف صفته كيت وكيت.
(أشد الغم عندي في سرور * تيقن عنه صاحبه انتقالا) هو لأبى الطيب. في سورة القصص عند قوله تعالى (لا تفرح) يقول: السرور الذي تيقن صاحبه الانتقال عنه هو أشد الغم لأنه يراعى وقت زواله فلا يطيب له ذلك السرور.
(إذا لسعته الدبر لم يرج لسعها * وخالفها في بيت نوب عواسل) في سورة العنكبوت عند قوله تعالى (من كان يرجو لقاء الله) على القول بأن يرجو بمعنى يخاف من قول الهذلي في صفة عسال * إذا لسعته الدبر لم يرج لسعها * والدبر النحل بفتح الدال ويكسر، والهاء في لسعته يعود إلى العسال وهو الذي يشور العسل، والنوب ضرب من النحل واحده نائب.
(أحمل أمي وهى الحماله * ترضعني الدرة والعلاله * ولا يجازى والد فعاله) في سورة لقمان عند قوله تعالى (حملته أمه وهنا على وهن) قاله بعض العرب في حدائه وهو يحمل أمه إلى الحج على ظهره، كأنه جعل نفسه كالبعير الحامل لها فيحدو لنفسه. والآية توصية بالوالدة خصوصا تذكير بحقها العظيم مفردا، ومن ثم " قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لمن قال له فمن أبر؟ أمك ثم أمك، ثم قال بعد ذلك أباك " والدرة: كثرة اللبن وسيلانه. والعلالة: بقية اللبن. والحلبة بين الحلبتين وبقية جرى الفرس. والعلل:
الشرب الثاني، يقال علل بعد نهل، والتعليل: سقى وجنى الثمرة مرة بعد أخرى، وأما النهل فهو الشرب الأول، لأن الإبل تسقى في أول الورد فترد إلى العطن، ثم تسقى في الثانية وهى العلل فترد إلى المرعى.
(وقد أغتدى والطير في وكناتها * بمنجرد قيد الأوابد هيكل)