قوله تعالى (أيعدكم أنكم إذا متم) في إعراب هذه الآية أوجه: أحدها أن اسم " أن " الأولى محذوف أقيم مقام المضاف إليه تقديره: أن إخراجكم، وإذا هو الخبر، و (أنكم مخرجون) تكرير، لأن " أن " وما عملت فيه للتوكيد، أو للدلالة على المحذوف. والثاني أن اسم " أن " الكاف والميم، وذا شرط، وجوابها محذوف تقديره: إنكم إذا متم يحدث أنكم مخرجون، فإنكم الثانية وما عملت فيه فاعل جواب إذا، والجملة كلها خبر أن الأولى. والثالث أن خبر الأولى مخرجون، وأن الثانية مكررة وحدها توكيد، وأجاز ذلك لما طال الكلام كما جاز ذلك في المكسورة في قوله تعالى " ثم إن ربك للذين هاجروا - و - إن ربك للذين عملوا السوء " وقد ذكر في النحل. والرابع أن خبر " أن " الأولى محذوف لدلالة خبر الثانية عليه، ولا يجوز أن يكون إذا خبر الأولى، لأنها ظرف زمان، واسمها جثة، وأما العامل في إذا فمحذوف، فعلى الوجه الأول يكون المقدر من الاستقرار، وعلى الوجه الثاني يعمل فيها جوابها المحذوف، وعلى الثالث والرابع يعمل فيها ما دل عليه خبر الثانية، ولا يعمل فيها متم لإضافتها إليه.
قوله تعالى (هيهات) هو اسم للفعل، وهو خبر واقع موقع بعد. وفى فاعله وجهان: أحدهما هو مضمر تقديره: بعد التصديق لما توعدون، أو الصحة أو الوقوع ونحو ذلك. والثاني فاعله " ما " واللام زائدة: أي بعد ما توعدون من البعث.
وقال قوم: هيهات بمعنى البعد فموضعه مبتدأ، ولما توعدون الخبر وهو ضعيف وهيهات على الوجه الأول لا موضع لها، وفيها عدة قراءات الفتح بلا تنوين على أنه مفرد، وبالتنوين على إرادة التكثير، وبالكسر بلا تنوين وبتنوين على أنه جمع تأنيث والضم بالوجهين شبه بقبل وبعد ويقرأ هيهاه بالهاء وقفا ووصلا، ويقرأ أيهاه بإبدال الهمزة من الهاء الأولى.
قوله تعالى (عما قليل) " ما " زائدة، وقيل هي بمعنى شئ أو زمن، وقيل بدل منها، وفى الكلام قسم محذوف جوابه (ليصبحن) وعن يتعلق بيصبحن، ولم تمنع اللام ذلك كما منعتها لام الابتداء، وأجازوا زيد لأضربن، لأن اللام للتوكيد فهي مثل قد، ومثل لام التوكيد في خبر إن كقوله " بلقاء ربهم لكافرون " وقيل اللام هنا تمنع من التقديم إلا في الظروف فإنه يتوسع فيها.
قوله تعالى (تترى) التاء بدل من الواو لأنه من المواترة وهي المتابعة، وذلك من قولهم جاءوا على وتيرة واحدة: أي طريقة واحدة، وهو نصب على الحال: