عير قريش نزلت أمس في موضع كذا وكذا وهي تنزل غدا هاهنا وانا اعمل لهم وأقضيك، فرجع أصحاب رسول الله صلى الله عليه وآله إليه فأخبراه بما سمعا، فاقبل أبو سفيان بالعير فلما شارف بدر تقدم العير واقبل وحده حتى انتهى إلي ماء بدر وكان بها جل من جهينية يقال له كسب الجهني فقال له يا كسب هل لك علم بمحمد وأصحابه؟ قال لا، قال واللات والعزى لان كتمتنا امر محمد لا يزال قريش معادية لك آخر الدهر فإنه ليس أحد من قريش الا وله في هذه العير النش فصاعدا فلا تكتمي، فقال والله مالي علم بمحمد وما بال محمد وأصحابه بالتجار الا واني رأيت في هذا اليوم راكبين أقبلا واستعذبا من الماء وأناخا راحلتيهما ورجعا فلا أدري من هما، فجاء أبو سفيان إلى موضع مناخ ابلهما ففت ابعار الإبل بيده فوجد فيها النوى فقال هذه علايف يثرب هؤلاء عيون محمد، فرجع مسرعا وامر بالعير فاخذ بها نحو ساحل البحر وتركوا الطريق ومروا مسرعين ونزل جبرئيل علي رسول الله صلى الله عليه وآله فأخبره ان العير قد أفلتت وان قريشا قد أقبلت لتمنع عن عيرها وأمره بالقتال ووعده النصر، وكان نازلا ماء الصفراء فأحب ان يبلو الأنصار لأنهم إنما وعدوه ان ينصروه في الدار، فأخبرهم ان العير قد جازت وان قريشا قد أقبلت لتمنع عن عيرها وان الله قد امرني بمحاربتهم، فجزع أصحاب رسول الله صلى الله عليه وآله من ذلك وخافوا خوفا شديدا، فقال رسول الله صلى الله عليه وآله أشيروا علي، فقام الأول فقال يا رسول الله انها قريش وخيلاؤها (1) ما آمنت منذ كفرت ولا ذلت مند عزت، ولم تخرج علي هيئة الحرب، فقال رسول الله صلى الله عليه وآله له اجلس فجلس قال أشيروا علي فقام الثاني فقال مثل مقالة الأول فقال صلى الله عليه وآله اجلس فجلس ثم
(٢٥٨)