رسول الله صلى الله عليه وآله عمار بن ياسر وعبد الله بن مسعود فقال ادخلا في القوم واتياني بأخبارهم، فكانا يجولان في عسكرهم لا يرون الا خائفا ذعرا إذا صهل الفرس وثب علي جحفلته (1) فسمعوا منبة بن الحجاج يقول:
لا يترك الجزع (الجوع ط) لنا مبيتا * لا بد ان نموت أو نميتا قال صلى الله عليه وآله والله كانوا شباعى (سباعى) ولكنهم من الخوف قالوا هذا والقى الله على قلوبهم الرعب كما قال الله تعالى (سألقي في قلوب الذين كفروا الرعب) فلما أصبح رسول الله صلى الله عليه وآله عبأ أصحابه وكان في عسكره صلى الله عليه وآله فرسان فرس للزبير بن العوام وفرس للمقداد، وكان في عسكره سبعون جملا يتعاقبون عليها، فكان رسول الله صلى الله عليه وآله ومرثد بن أبي مرثد الغنوي وعلي بن أبي طالب عليه السلام علي جمل يتعاقبون عليه والجمل لمرثد وكان في عسكر قريش أربعمائة فرس.
فعبأ رسول الله صلى الله عليه وآله أصحابه بين يديه وقال غضوا أبصاركم لا تبدوهم بالقتال ولا يتكلمن أحد، فلما نظر قريش إلى قلة أصحاب رسول الله صلى الله عليه وآله قال أبو جهل: ما هم الا اكلة رأس ولو بعثنا إليهم عبيدنا لاخذوهم اخذا باليد، فقال عتبة بن ربيعة أترى لهم كمينا ومددا؟ فبعثوا عمر بن وهب الجمحي، وكان فارسا شجاعا فجال بفرسه حتى طاف إلى معسكر رسول الله صلى الله عليه وآله ثم صعد الوادي وصوت ثم رجع إلى قريش، فقال ما لهم كمين ولا مدد ولكن نواضح يثرب قد حملت الموت الناقع، اما ترونهم خرسا لا يتكلمون يتلمظون تلمظ الأفاعي (2) ما لهم ملجأ الا سيوفهم وما أراهم يولون حتى يقتلون، ولا يقتلون حتى يقتلون