قال فرفع الله الحجاب ونظر إلى الجبل فساخ الجبل في البحر فهو يهوى حتى الساعة (1) ونزلت الملائكة وفتحت أبواب السماء، فأوحى الله إلى الملائكة:
أدركوا موسى لا يهرب، فنزلت الملائكة وأحاطت بموسى وقالوا تب يا بن عمران: فقد سألت الله عظيما، فلما نظر موسى إلى الجبل قد ساخ والملائكة قد نزلت، وقع على وجهه، فمات من خشية الله وهول ما رأي، فرد الله عليه روحه فرفع رأسه وأفاق وقال (سبحانك تبت إليك وأنا أول المؤمنين) أي أول من أصدق إنك لا ترى، فقال الله له (يا موسى اني اصطفيتك على الناس برسالاتي وبكلامي فخذ ما آتيتك وكن من الشاكرين) فناداه جبرائيل يا موسى أنا أخوك جبرئيل.
وقوله (وكتبنا له في الألواح من كل شئ موعظة وتفصيلا) اي كل شئ بأنه مخلوق وقوله (فخذها بقوة) أي قوة القلب (وامر قومك يأخذوا بأحسنها) أي بأحسن ما فيها من الاحكام، وقوله (سأريكم دار الفاسقين) اي يجيئكم قوم فساق تكون الدولة لهم وقوله (سأصرف عن آياتي الذين يتكبرون في الأرض بغير الحق) يعني اصرف القرآن عن الذين يتكبرون في الأرض بغير الحق (وان يروا كل آية لا يؤمنوا بها وان يروا سبيل الرشد لا يتخذوه سبيلا) قال إذا رأوا الايمان والصدق والوفاء والعمل الصالح لا يتخذوه سبيلا وان يروا الشرك والزنا والمعاصي يأخذوا بها ويعملوا بها، وقوله (والذين كذبوا بآياتنا ولقاء الآخرة حبطت أعمالهم هل يجزون إلا ما كانوا يعملون) فإنه محكم وقوله " هذا إلهكم وإله موسى فنسي " اي ترك وقوله " أفلا يرون ألا يرجع إليهم قولا " (2)