قلت: استدل على أن الأصبع صفة الله تعالى (11)، بأن النبي (ص) أقر اليهودي على ما قال، وبأن في بعض طرق الحديث زيادة: تعجبا وتصديقا له. وهذا لا يكفي أبدا في إثبات صفة الله تعالى، واعتقادها كما يعتقد غيرها الثابت بطريق اليمين.
تصديق وليس كذلك، فان قيل قد صح حديث: (إن قلوب بني آدم بين إصبعين من أصابع الرحمن) فالجواب: أنه إذا جاءنا مثل هذا في كلام الصادق تأولناه أو توقفنا فيه إلى أن يتبين وجهه مع القطع باستحالة ظاهره... اه كلام القرطبي وترجيح الحافظ بعد ذلك التأويل على رد ما فهمه الراوي غير متجه فليتأمل.
وهذه الأبواب التي يعقدها أمثال الهروي في تصوير أن الله شخص له أصابع وأيدي ورجل وقدم وعين واعين وعينان وصورة وحد هو العودة إلى الوثنية الأولى بلا شك ولا ريب وما كتبه الإمام الكوثري في مقالاته وغيرها عن أهل هذه النحلة فلا شك في صحته وادعاؤه عليهم بأنهم وثنيون كعباد الأصنام لا ريب فيه، لأنهم متغافلون عن التنزيه الذي هو الأصل الثابت في كتاب الله وفي كلام رسوله التالي لقوله تعالى:
(وما قدروا الله حق قدره) ولقوله تعالى (ولم يكن له كفوا أحد) ولقوله تعالى: (ليس كمثله شئ) وقوله (ص) في دعائه: (اللهم أنت الأول فليس قبلك شئ وأنت الآخر فليس بعدك شئ وأنت الظاهر فليس فوقك شئ وأنت الباطن فليس دونك شئ...) الحديث رواه مسلم وإقراره (ص) لمن أثنى على الله تعالى فقال: (يامن لا تراه العيون ولا تخالطه الظنون ولا يصفه الواصفون ولا تغيره الحوادث...) الحديث رواه الطبراني بسند صحيح انظر مجمع الزوائد (10 / 158).