وإذا كان أبو حيان وجماعة منعوا الاستدلال بالحديث في المسائل النحوية، قالوا: لأن الحديث دخل فيه الرواية بالمعنى، فكيف يستجيز المؤلف أن يثبت صفة لله تعالى، بحديث تصرف فيه الرواة (24)؟ هذا تساهل غير محمود. قال:
نقد باب بيان أن الله عز وجل شخص وروى فيه حديث المغيرة، في غيرة سعد بن عبادة، وقول النبي (ص) (أنا أغير من سعد والله أغير مني... ولا شخص أغير من الله عز وجل) الحديث.
وهو في صحيح البخاري، معلقا عن عبيد الله بن عمرو عن عبد الملك: لا شخص أغير من الله، وأسنده من طريق عبد الملك عن وراد كاتب المغيرة بلفظ:
(والله أغير مني... ولا أحد أحب إليه العذر من الله ومن أجل ذلك بعث المبشرين والمنذرين ولا أحد أحب إليه المدحة من الله ومن أجل ذلك وعد الله الجنة) فتبين أن الرواة تصرفوا في لفظ الحديث، فلا يكون حجة في وصف الله بشخص، وقد قال ابن بطال في شرح البخاري: أجمعت الأمة على أن الله تعالى لا يجوز أن يوصف بأنه شخص، لأن التوقيف لم يرد به اه.
والشخص سواد الإنسان والحيوان، يرى من بعد، فلا يطلق في اللغة إلا على جسم. ولا أدري سر حرص المؤلف على نسبة الشئ والشخص والإصبع والخنصر والبنان، صفة لله تعالى، مع أنها ليس فيها كمال ولا ثناء، ولله الأسماء الحسنى، والصفات العلا. وهذه الأشياء، ولا أقول الصفات، هي بالمخلوقات أولى. أهذا هو التوحيد الذي يستدل له المؤلف؟ ويجتهد في إثباته لله، تعالى الله عن ذلك علوا كبيرا؟! وعلى فرص ثبوت لفظ شخص، .