تفسيره (مجلد 5 / جزء 8 / صحيفة 202):
يقول الله جل ثناؤه: (فاليوم ننساهم كما نسوا لقاء يومهم هذا) أي ففي هذا اليوم وذلك يوم القيامة ننساهم، يقول: نتركهم في العذاب المبين جياعا عطاشا بغير طعام ولا شراب، كما تركوا العمل للقاء يومهم هذا، ورفضوا الاستعداد له بإتعاب أبدانهم في طاعة الله. وقد بينا معنى قوله: (ننساهم)، بشواهده فيما مضى بما أغنى عن إعادته وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل (1).
ذكر من قال ذلك:
.... حدثني محمد بن عمرو، قال: ثنا أبو عاصم، قال: ثنا عيسى عن ابن أبي نجيح عن مجاهد في قول الله (ننساهم)، قال: نتركهم في النار.
.... وحدثني المثنى، قال: ثنا عبد الله بن صالح، قال: ثني معاوية عن علي، عن ابن عباس (فاليوم ننساهم (2) كما نسوا لقاء يومهم هذا) قال:
نتركهم من الرحمة كما تركوا أن يعملوا اللقاء يومهم هذا. اه باختصار كلام الحافظ الطبري.
فإذا تأملت هذا التقرير، وتأملت في منهج الحشوية المجسمة والمشبهة الذين يصرون على التمسك بظواهر الألفاظ، والذين ينكرون التأويل والمجاز، ويدعون أن التأويل لم يكن في السلف أوفي أهل الحديث الراسخين في العلم، كالإمام أحمد والبخاري رحمهما الله تعالى، والذين يضللون من أول بعض الألفاظ التي يتوهم العامة والبسطاء أنها صفات لله تعالى، ويصفونهم بالجهمية والمعطلة، علمت وتحققت أنهم بعيدون عن التحقيق ناؤون عن الصواب، وخصوصا إن علمت أن أمثال الإمام أحمد والإمام البخاري يؤولون .