قال القرطبي: وبهذا يرتفع الإشكال، ولا يعكر عليه، قوله في رواية رفاعة الجهني (ينزل الله إلى السماء الدنيا فيقول: لا يسأل عن عبادي غيري) لأنه ليس في ذلك ما يدفع التأويل المذكور.
قال البيضاوي: ولما ثبت بالقواطع أنه سبحانه منزه عن الجسمية والتحيز، امتنع عليه النزول على معنى الانتقال من موضع إلى موضع أخفض منه، فالمراد نزول رحمته، أي يتنقل من مقتضى صفة الجلال التي تقتضي الغضب والانتقام، إلى مقتضى صفة الاكرام التي تقتضي الرأفة والرحمة اه ولي في الحديث رأي لم يتعرض له أحد، وهو الصواب إن شاء الله. وبيان ذلك: أن الله تعالى قال: (وإذا سألك عبادي عني فاني قريب أجيب دعوة الداع إذا دعان) وقال سبحانه: (إن ربي قريب مجيب) فالله قريب من خلقه، ليس بينه وبينهم مسافة يقطعها نزول، والمسافة التي بين السماوات، وبينها وبين الأرض، هي بالنسبة للخلق، أما بالنسبة لله تعالى، فالعالم كله بين يديه، لا يفصله عنهم مسافة لقربه منهم بغير حلول ولا اتحاد، تعالى الله أن يحل في شئ من خلقه، أو يتحد به، فنزوله كناية عن تنزله في تجليه على عباده المؤمنين القائمين في ذلك الوقت من الليل، وهو وقت التجلي، ويقال لله متجلي، ولا يقال له نازل، والتجلي صفة خاصة به سبحانه، لا يوصف بها ملك ولا نبي... ومعنى التنزل في التجلي أنه يتجلى على المؤمنين، بقدر ما تستطيعه روحانيتهم، لطفا بهم ورحمة لهم والله تعالى أعلم.
نقد باب إثبات رؤيتهم إياه عز وجل قي الجنة وقع في سند المؤلف في هذا الباب: أنا أبو يعلى ثنا حوثرة بن وبعده