من الله ليس ببائن منه إ ه.
فقوله: (ونحن لا نقول كلم موسى بكلام قديم ولا بكلام مخلوق)، مجمل ملبس بينه سابقا في قوله إن كلام الله تعالى (قديم النوع حادث الآحاد، وإن الحوادث تقوم به)، جل وعلا، فشرع هذا الهراء على رأيه: نحن لا نقول كلم الله موسى بكلام قديم على الاطلاق، ولا بكلام مخلوق على الاطلاق.
وقوله: (بل هو سبحانه يتكلم إذا شاء ويسكت إذا شاء)، تشبيه صريح لربه بالمخلوقات ولا معنى للسكوت إلا انعدام الكلام، فإن كان قبل وجود الكلام لزم سبق العدم عليه، وسبق العدم عليه نفي لقدمه وإثبات لحدوثه، وإن كان بعد وجود الكلام فقد طرأ عليه العدم، وطروء العدم عليه ينفي بقاءه، وإذا انتفى البقاء انتفى القدم، لأن كل ما ثبت قدمه استحال عدمه، فالسكوت يستلزم عدم الكلام السابق وتجدد الكلام اللاحق، فيكون اللاحق حادثا بغير واسطة، والسابق حادثا بواسطة أن ما لحقه العدم لزم أن يسبقه العدم، وإذا لزم من السكوت حدوث الكلام لزم منه حدوث الذات الموصوف به، لأن قيام الحادث بشئ يوجب حدوث ذلك الشئ، ودعوى الاتصاف بذلك لمن تنزه عن الحدوث في ذاته وجميع صفاته سبحانه وتعالى، كفر لا محالة.
وقوله: (والمخلوق لا يكون قائما بالخالق ولا يكون الرب محلا للمخلوقات)، صحيح مناقض لقوله سابقا (بقيام الحوادث بذاته) جل وعلا، هكذا دأب هذا المفتون يقول الشئ في محل من تآليفه وينقضه في محل آخر.