أما بعد فاني أوصيكم بتقوى الله عز وجل، وأن تثنوا عليه بما هو أهله، وأن تخلطوا الرغبة بالرهبة، وتجمعوا الالحاف بالمسألة، فان الله عز وجل أثنى على زكريا وعلى أهل بيته فقال (إنهم كانوا يسرعون في الخيرات ويدعوننا رغبا ورهبا وكانوا لنا خاشعين) ثم اعلموا عباد الله! إن الله عز وجل قد ارتهن بحقه أنفسكم، وأخذ على ذلك مواثيقكم، واشترى منكم القليل الفاني بالكثير الباقي، وهذا كتاب الله فيكم لا تفنى عجائبه، ولا يطفأ نوره، فصدقوا قوله وانتصحوا كتابه، واستبصروا فيه ليوم الظلمة، فإنما خلقكم للعبادة، ووكل بكم الكرام الكاتبين يعلمون ما تفعلون، ثم اعلموا عباد الله!
إنكم لتغدون وتروحون في أجل قد غيب عنكم علمه، فان استطعتم أن تنقضي الآجال وأنتم في عمل الله فافعلوا، ولن تستطيعوا ذلك إلا بالله، فسابقوا في مهل آجالكم قبل أن نقضي فتردكم إلى سوء أعمالكم، فان قوما جعلوا آجالهم لغيرهم فنسوا أنفسهم، فنهاكم أن تكونوا أمثالهم، الوحا (1) الوحا! النجا (2) النجا! إن وراءكم