قال: كانت أمثالا كلها: أيها الملك المسلط المغرور المبتلى! إني لم أبعثك لتجمع الدنيا بعضها على بعض، ولكني بعثتك لترد على دعوة المظلوم فاني لا أردها ولو كانت من كافر، وكان فيها أمثال: على العاقل ما لم يكن مغلوبا على عقله أن يكون له ثلاث ساعات: ساعة يناجي فيها ربه، وساعة يحاسب فيها نفسه، وساعة يتفكر فيها صنع الله، وساعة يخلو فيها لحاجته من المطعم والمشرب، وعلى العاقل أن لا يكون ظاعنا إلا لثلاث: تزود لمعاد ومرمة لمعاش، أو لذة في غير محرم، وعلى العاقل أن يكون بصيرا بزمانه، مقبلا على شأنه، حافظا للسانه، ومن حسب كلامه من عمله قل كلامه إلا فيما يعنيه، قلت: فما كان في صحف موسي؟ قال: كانت عبرا كلها: عجبت لمن أيقن بالموت ثم هو يفرح، عجبت لمن أيقن بالنار: ثم هو يضحك، عجبت لمن أيقن بالقدر ثم هو ينصب، عجبت لمن رأى الدنيا وتقلبها لأهلها ثم اطمأن إليها، عجبت لمن أيقن بالنار: ثم هو يضحك، عجبت لمن أيقن بالقدر ثم هو ينصب، عجبت لمن رأى الدنيا وتقلبها لأهلها ثم اطمأن إليها، عجبت لمن أيقن بالحساب غدا ثم لا يعمل، قلت: يا رسول الله! هل فيما أنزل عليك شئ مما كان في صحف إبراهيم وموسى؟ قال: يا أبا ذر! تقرأ (قد أفلح من تزكى - إلى قوله: صحف إبراهيم وموسى)، قلت: يا رسول الله! أوصني، قال: أوصيك بتقوى الله فإنه رأس الامر كله، قلت:
(١٣٣)