وعدها أربعة عشر حديثا، ونبه على أكثرها في مواضعها من كتابه. إلا أنه لم يبين صفة انقطاعها، ولا ذكر من وصلها كلها من أئمة الرواة. فربما توهم الناظر في كتابه، ممن ليس له عناية بالحديث، ولا معرفة بجمع طرقه أنها من الأحاديث التي لا تتصل بوجه، ولا يصح الاحتجاج بها لانقطاعها. وقد رأيت غير واحد يلهج بذكرها ويظنها على هذه الصفة، وليس الأمر كذلك، بل هي متصلة كلها، والحمد لله من الوجوه الثابتة التي نوردها فيما بعد، إن شاء الله. وهذا القول الذي قاله الإمام أبو عبد الله المازري إنما أخذه - فيما قيل - من كلام الحافظ أبي علي الغساني الأندلسي. فإنه جمعها قبله، وعدها كذلك أيضا. إلا أنه نبه على اتصال بعضها، ولم يستوعب ذلك في جميعها. ولعل المازري، رحمه الله، إنما ترك التنبيه على اتصالها لاكتفائه بما ذكره أبو علي الحافظ على أنهما قد خولفا في إطلاق تسمية المقطوع على أحاديث / منها، ولم يسلم لهما ذلك فيها. على ما يأتي بيانه في موضعه، إن شاء الله. وقد استخرت الله سبحانه، وجمعتها في هذا الجزء لنفسي، ولمن شاء الله أن ينتفع بها، وأضفت إليها ما وقع لي في صحيح مسلم من جنسها مما لم يعده الحافظ أبو علي في جملتها. وبينت وجوه اتصالها كلها. وسميت من وصلها من الثقات المعتمد على قولهم في هذا الشأن، ومن أخرجها في كتبه من أئمة الحديث. مستعينا في ذلك كله بالله عز وجل، ومستمدا هدايته وإرشاده وتوفيقه إلى الصواب وإسعاده، وهو حسبي ونعم الوكيل.
(١١٦)