شرح نهج البلاغة - ابن أبي الحديد - ج ٢٠ - الصفحة ٢٢٥
بر قسمه، ولم تطلق امرأته، قال: وإني علمت ذاك؟ قال: نشدتك الله يا أمير المؤمنين، ألم تعلم إن رسول الله صلى الله عليه وآله قال لفاطمة عليها السلام وهو عندها في بيتها عائد لها: يا بنية، ما علتك قالت: الوعك يا أبتاه - وكان على غائبا في بعض حوائج النبي صلى الله عليه وآله - فقال لها: أتشتهين شيئا؟ قالت: نعم أشتهي عنبا، وأنا اعلم إنه عزيز، وليس وقت عنب، فقال صلى الله عليه وآله: ان الله قادر على أن يجيئنا به، ثم قال: اللهم ائتنا به مع أفضل أمتي عندك منزلة، فطرق على الباب، ودخل ومعه مكتل قد ألقى عليه طرف ردائه، فقال له النبي صلى الله عليه وآله: ما هذا يا علي؟
قال: عنب التمسته لفاطمة، فقال: الله أكبر الله أكبر، اللهم كما سررتني بأن خصصت عليا بدعوتي فاجعل فيه شفاء بنيتي، ثم قال: كلي على اسم الله يا بنية، فأكلت، وما خرج رسول الله صلى الله عليه وآله حتى استقلت وبرأت، فقال عمر:
صدقت وبررت، أشهد لقد سمعته ووعيته، يا رجل، خذ بيد امرأتك فإن عرض لك أبوها فاهشم أنفه. ثم قال: يا بنى عبد مناف، والله ما نجهل ما يعلم غيرنا، ولا بنا عمى في ديننا، ولكنا كما قال الأول:
تصيدت الدنيا رجالا بفخها * فلم يدركوا خيرا بل استقبحوا الشرا وأعماهم حب الغنى وأصمهم * فلم يدركوا إلا الخسارة والوزرا قيل: فكأنما ألقم بنى أمية حجرا، ومضى الرجل بامرأته.
وكتب عمر إلى ميمون بن مهران:
عليك سلام فإني أحمد إليك الله الذي لا إله إلا هو، أما بعد، فإني قد فهمت كتابك، وورد الرجلان والمرأة، وقد صدق الله يمين الزوج، وأبر قسمه، وأثبته على نكاحه، فاستيقن ذلك، واعمل عليه، والسلام عليك ورحمة الله وبركاته.
(٢٢٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 220 221 222 223 224 225 226 227 228 229 230 ... » »»
الفهرست