وكان الزبير من القائلين به في بدء الامر، ثم رجع، وكان من بنى أمية قوم يقولون بذلك، منهم خالد بن سعيد بن العاص، ومنهم عمر بن عبد العزيز.
وأنا أذكر هاهنا الخبر المروى المشهور عن عمر، وهو من رواية ابن الكلبي، قال: بينا عمر بن عبد العزيز جالسا في مجلسه، دخل حاجبه ومعه امرأة أدماء طويلة حسنة الجسم والقامة، ورجلان متعلقان بها، ومعهم كتاب من ميمون بن مهران إلى عمر، فدفعوا إليه الكتاب، ففضه فإذا فيه:
بسم الله الرحمن الرحيم إلى أمير المؤمنين عمر بن عبد العزيز، من ميمون بن مهران، سلام عليك ورحمة الله وبركاته، أما بعد، فإنه ورد علينا أمر ضاقت به الصدور، وعجزت عنه الأوساع (١)، وهربنا بأنفسنا عنه، ووكلناه إلى عالمه، لقول الله عز وجل: ﴿ولو ردوه إلى الرسول وإلى أولي الأمر منهم لعلمه الذين يستنبطونه منهم﴾ (2)، وهذه المرأة والرجلان أحدهما زوجها والاخر أبوها، وإن أباها يا أمير المؤمنين زعم إن زوجها حلف بطلاقها إن علي بن أبي طالب عليه السلام خير هذه الأمة وأولاها برسول الله صلى الله عليه وآله، وإنه يزعم أن ابنته طلقت منه، وإنه لا يجوز له في دينه أن يتخذه صهرا، وهو يعلم إنها حرام عليه كأمه. وإن الزوج يقول له: كذبت وأثمت، لقد بر قسمي، وصدقت مقالتي، وإنها امرأتي على رغم أنفك، وغيظ قلبك، فاجتمعوا إلى يختصمون في ذلك، فسألت الرجل عن يمينه، فقال: نعم، قد كان ذلك، وقد حلفت بطلاقها إن عليا خير هذه الأمة وأولاها برسول الله صلى الله عليه وآله، عرفه من عرفه، وأنكره من أنكره، فليغضب من