شرح نهج البلاغة - ابن أبي الحديد - ج ٢٠ - الصفحة ٢٠٥
ويقولون لأبناء الملوك والرؤساء ومن يجرى مجراهم: جفاة المحز، قال الشاعر:
جفاة المحز لا يصيبون مفصلا * ولا يأكلون اللحم إلا تخذما يقول: هم ملوك، وأشباه الملوك لا حذق لهم بنحر الإبل والغنم ولا يعرفون التجليد والسلخ، ولهم من يتولى ذلك عنهم، وإذا لم يحضرهم من يجزر الجزور تكلفوا هم ذلك بأنفسهم، فلم يحسنوا حز المفصل كما يفعله الجزار، وقوله:
* ولا يأكلون اللحم إلا تخذما * أي ليس بهم شره فإذا أكلوا اللحم تخذموا قليلا قليلا، والخذم: القطع، وأنشد الجاحظ في مثله:
وصلع الرؤوس عظام البطون * جفاة المحز غلاظ القصر.
لان ذلك كله أمارات الملوك، وقريب من ذلك قوله:
ليس براعي أبل ولا غنم * ولا بجزار على ظهر وضم (1) ويقولون: فلان أملس، يكنون عمن لا خير فيه ولا شر، أي لا يثبت فيه حمد ولا ذم.
ويقولون: ملحه على ركبته، أي هو سيئ الخلق، يغضبه أدنى شئ، قال لا تلمها إنها من عصبة * ملحها موضوعة فوق الركب (2) ويقولون كناية عن مجوسي: هو ممن يخط على النمل، والنمل جمع نملة، وهي قرحة بالانسان، كانت العرب تزعم أن المجوسي إذا كان من أخته وخط عليها برأت، قال الشاعر:
ولا عيب فينا غير عرق لمعشر * كرام وإنا لا نخط على النمل (3)

(1) الكمل 218 (طبعة أوربا).
(2) الجرجاني 127، ونسبه إلى مسكين.
(3) اللسان (نمل).
(٢٠٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 200 201 202 203 204 205 206 207 208 209 210 ... » »»
الفهرست