شرح نهج البلاغة - ابن أبي الحديد - ج ٢٠ - الصفحة ٢٠٩
ووجه سابري لو * تصوب ماؤه قطرا يعنى العباس بن الأحنف (1).
وتقول العرب في معنى قول المحدثين: عرض عليه كذا عرضا سابريا: عرض عليه عرض عاله، أي عرض الماء على النعم العالة التي قد شربت شربا بعد شرب، وهو العلل، لأنها تعرض على الماء عرضا خفيفا لا تبالغ فيه.
ومن الكنايات الحسنة قول أعرابية قالت لقيس بن سعد بن عبادة: أشكو إليك قلة الجرذان في بيتي، فاستحسن منها ذلك، وقال: لأكثرنها، املأوا لها بيتها خبزا وتمرا وسمنا وأقطا ودقيقا.
وشبيه بذلك ما روى أن بعض الرؤساء سايره صاحب له على برذون مهزول، فقال له: ما أشد هزال دابتك! فقال: يدها مع أيدينا، ففطن لذلك ووصله.
وقريب منه ما حكى أن المنصور قال: لانسان ما مالك؟ قال: ما أصون به وجهي، ولا أعود به على صديقي فقال: لقد تلطفت في المسألة، وأمر له بصلة.
وجاء أعرابي إلى أبى العباس ثعلب وعنده أصحابه، فقال له: ما أراد القائل بقوله:
الحمد لله الوهوب المنان * صار الثريد في رؤوس القضبان فأقبل ثعلب على أهل المجلس فقال: أجيبوه، فلم يكن عندهم جواب، وقال له نفطويه: الجواب منك يا سيدي أحسن، فقال: على إنكم لا تعلمونه! قالوا: لا نعلمه، فقال الأعرابي، قد سمعت ما قال القوم، فقال: ولا أنت أعزك الله تعلمه، فقال ثعلب:
أراد إن السنبل قد أفرك، قال: صدقت فأين حق الفائدة؟ فأشار إليهم ثعلب،

(1) ديوانه 129.
(٢٠٩)
مفاتيح البحث: سعد بن عبادة (1)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 204 205 206 207 208 209 210 211 212 213 214 ... » »»
الفهرست