شرح نهج البلاغة - ابن أبي الحديد - ج ٢٠ - الصفحة ٩
صلى الله عليه وآله لا يرد على أحد إسلامه، أسلم عن علة أو عن إخلاص، فامتنع بالاسلام، واعتصم وحمى جانبه.
ذكر حديثه أبو الفرج علي بن الحسين الأصفهاني في كتاب الأغاني (1)، قال: كان المغيرة يحدث حديث إسلامه، قال: خرجت مع قوم من بنى مالك ونحن على دين الجاهلية إلى المقوقس ملك مصر، فدخلنا إلى الإسكندرية، وأهدينا للملك هدايا كانت معنا، فكنت أهون أصحابي عليه، وقبض هدايا القوم، وأمر لهم بجوائز، وفضل بعضهم على بعض، وقصر بي فأعطاني شيئا قليلا لا ذكر له، وخرجنا فأقبلت بنو مالك يشترون هدايا لأهلهم وهم مسرورون، ولم يعرض أحد منهم على مواساة، فلما خرجوا حملوا معهم خمرا، فكانوا يشربون منها، فأشرب معهم، ونفسي تأبى أن تدعني معهم، وقلت ينصرفون إلى الطائف بما أصابوا وما حباهم به الملك، ويخبرون قومي بتقصيره بي وازدرائه إياي! فأجمعت على قتلهم، فقلت: إني أجد صداعا، فوضعوا شرابهم ودعوني، فقلت: رأسي يصدع، ولكن اجلسوا فأسقيكم، فلم ينكروا من أمري شيئا، فجلست أسقيهم وأشرب القدح بعد القدح، فلما دبت الكأس فيهم اشتهوا الشراب، فجعلت أصرف لهم وأترع الكأس، [فيشربون ولا يدرون (2)] فأهمدتهم الخمر حتى ناموا، ما يعقلون، فوثبت إليهم فقتلتهم جميعا، وأخذت جميع ما كان معهم.
وقدمت المدينة فوجدت النبي صلى الله عليه وآله بالمسجد وعنده أبو بكر - وكان بي عارفا - فلما رآني قال: ابن أخي عروة؟ قلت: نعم، قد جئت أشهد أن لا إله إلا الله، وأن محمدا رسول الله، فقال رسول الله صلى الله عليه وآله: الحمد لله: فقال أبو بكر:
من مصر أقبلت؟ قلت: نعم؟ قال: فما فعل المالكيون الذين كانوا معك؟ قلت: كان

(1) الأغاني 16: 80 - 82 (طبعة دار الكتب) مع اختلاف الرواية.
(2) من الأغاني.
(٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 4 5 6 7 8 9 10 11 12 13 14 ... » »»
الفهرست