فاغتاله فقتله، فترك أصحابه متفرقين مختلفين، وقد جاءتنا كتب أشرافهم وقادتهم يلتمسون الأمان لأنفسهم وعشائرهم، فأقبلوا إلي حين يأتيكم كتابي هذا بجهدكم وجندكم وحسن عدتكم، فقد أصبتم بحمد الله الثأر، وبلغتم الامل، وأهلك الله أهل البغي والعدوان، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته (1).
قال فاجتمعت العساكر إلى معاوية، فسار بها قاصدا إلى العراق. وبلغ الحسن خبره ومسيره نحوه، وأنه قد بلغ جسر منبج، فتحرك عند ذلك، وبعث حجر بن عدي فأمر العمال والناس بالتهيؤ للمسير، ونادى المنادي: الصلاة جامعة! فأقبل الناس يثوبون ويجتمعون. وقال الحسن: إذا رضيت جماعة الناس فأعلمني، وجاءه سعيد بن قيس الهمداني، فقال له: أخرج، فخرج الحسن عليه السلام، وصعد المنبر، فحمد الله وأثنى عليه ثم قال: أما بعد، فإن الله كتب الجهاد على خلقه، وسماه كرها (2)، ثم قال لأهل الجهاد من المؤمنين: اصبروا إن الله مع الصابرين، فلستم أيها الناس نائلين ما تحبون إلا بالصبر على ما تكرهون.
بلغني أن معاوية بلغه إنا كنا أزمعنا على المسير إليه، فتحرك لذلك، اخرجوا رحمكم الله إلى معسكركم بالنخيلة حتى ننظر وتنظروا، ونرى وتروا.
قال: وإنه في كلامه ليتخوف خذلان الناس له، قال: فسكتوا فما تكلم منهم أحد، ولا أجابه بحرف.
فلما رأى ذلك عدي بن حاتم قام فقال: أنا ابن حاتم! سبحان الله! ما أقبح هذا المقام! أ لا تجيبون إمامكم وابن بنت نبيكم! أين خطباء مضر [أين المسلمون؟ أين