الخواضون من أهل المصر] (1) الذين ألسنتهم كالمخاريق (2) في الدعة، فإذا جد الجد فرواغون كالثعالب، أ ما تخافون مقت الله ولا عيبها وعارها.
ثم استقبل الحسن بوجهه، فقال: أصاب الله بك المراشد، وجنبك المكاره، ووفقك لما يحمد ورده وصدره (3). قد سمعنا مقالتك، وانتهينا إلى أمرك، وسمعنا لك وأطعناك فيما قلت وما رأيت، وهذا وجهي إلى معسكري، فمن أحب أن يوافيني فليواف.
ثم مضى لوجهه، فخرج من المسجد ودابته بالباب، فركبها ومضى إلى النخيلة، وأمر غلامه أن يلحقه بما يصلحه. وكان عدي بن حاتم أول الناس عسكر (4).
وقام قيس بن سعد بن عبادة الأنصاري ومعقل بن قيس الرياحي وزياد بن صعصعة (5) التيمي، فأنبوا الناس ولاموهم وحرضوهم، وكلموا الحسن عليه السلام بمثل كلام عدى ابن حاتم في الإجابة والقبول، فقال لهم الحسن عليه السلام: صدقتم رحمكم الله!
ما زلت أعرفكم بصدق النية والوفاء والقبول والمودة الصحيحة، فجزاكم الله خيرا ثم نزل.
وخرج الناس فعسكروا، ونشطوا للخروج، وخرج الحسن إلى العسكر، واستخلف على الكوفة المغيرة بن نوفل بن الحارث بن عبد المطلب، وأمره باستحثاث الناس وإشخاصهم إليه، فجعل يستحثهم ويستخرجهم حتى يلتئم العسكر.
وسار (6) الحسن عليه السلام في عسكر عظيم وعدة حسنة، حتى نزل دير عبد الرحمن،