فقال لهم قيس بن سعد: اختاروا إحدى اثنتين، إما القتال مع غير إمام، وإما أن تبايعوا بيعة ضلال، فقالوا: بل نقاتل بلا إمام، فخرجوا فضربوا أهل الشام حتى ردوهم إلى مصافهم.
فكتب معاوية إلى قيس بن سعد يدعوه ويمنيه، فكتب إليه قيس: لا و الله لا تلقاني أبدا إلا بيني وبينك الرمح. فكتب إليه معاوية حينئذ لما يئس منه:
أما بعد. فإنك يهودي ابن يهودي، تشقي نفسك وتقتلها فيما ليس لك، فإن ظهر أحب الفريقين إليك نبذك وغدرك، وإن ظهر أبغضهم إليك نكل بك وقتلك، وقد كان أبوك أوتر غير قوسه، ورمى غير غرضه، فأكثر الحز وأخطأ المفصل، فخذله قومه، وأدركه يومه، فمات بحوران طريدا غريبا. والسلام.
فكتب إليه قيس بن سعد:
أما بعد، فإنما أنت وثن ابن وثن، دخلت في الاسلام كرها، وأقمت فيه فرقا، وخرجت منه طوعا، ولم يجعل الله لك فيه نصيبا، لم يقدم إسلامك، ولم يحدث نفاقك، ولم تزل حربا لله ولرسوله، وحزبا من أحزاب المشركين، وعدوا لله ولنبيه وللمؤمنين من عباده - وذكرت أبي، فلعمري ما أوتر إلا قوسه، ولا رمى إلا غرضه، فشغب عليه من لا يشق غباره، ولا يبلغ كعبه، وزعمت أنى يهودي ابن يهودي، وقد علمت وعلم الناس أنى وأبى أعداء الدين الذي خرجت منه، وأنصار الدين الذي دخلت فيه، وصرت إليه. والسلام.
فلما قرأ معاوية كتابه غاظه، وأراد إجابته، فقال له عمرو: مهلا، فإنك إن كاتبته أجابك بأشد من هذا، وإن تركته دخل فيما دخل فيه الناس. فأمسك عنه.
قال: وبعث معاوية عبد الله بن عامر وعبد الرحمن بن سمرة إلى الحسن للصلح، فدعواه