قال أبو الفرج: ثم أن معاوية أمر الحسن أن يخطب، فظن أنه سيحصر، فقام فخطب، فقال في خطبته (١): إنما الخليفة من سار بكتاب الله وسنة نبيه، وليس الخليفة من سار بالجور، ذاك رجل ملك ملكا تمتع به قليلا، ثم تنخمه، تنقطع لذته، وتبقى تبعته ﴿وإن أدري لعله فتنة لكم ومتاع إلى حين﴾ (2). قال: وانصرف الحسن إلى المدينة فأقام بها، وأراد معاوية البيعة لابنه يزيد، فلم يكن عليه شئ أثقل من أمر الحسن بن علي وسعد بن أبي وقاص، فدس إليهما سما فماتا منه.
قال أبو الفرج: فحدثني أحمد بن عبيد الله بن عمار، عن عيسى بن مهران، عن عبيد بن الصباح الخراز، عن جرير، عن مغيرة، قال: أرسل معاوية إلى بنت الأشعث ابن قيس - وهي تحت الحسن - فقال لها: إني مزوجك يزيد ابني على أن تسمي الحسن (3)، وبعث إليها بمائة ألف درهم، ففعلت، وسمت الحسن، فسوغها المال ولم يزوجها منه، فخلف عليها رجل من آل طلحة، فأولدها، فكان إذا وقع بينهم وبين بطون قريش كلام عيروهم، وقالوا: يا بني مسمة الأزواج (4).
قال: حدثني أحمد، قال: حدثني يحيى بن بكير، عن شعبه، عن أبي بكر بن حفص، قال: توفى الحسن بن علي وسعد بن أبي وقاص في أيام متقاربة، وذلك بعد ما مضى من ولاية إمارة معاوية عشر سنين، وكانوا يروون أنه سقاهما السم (5).
قال أبو الفرج: وحدثني أحمد بن عون، عن عمران بن إسحاق، قال: كنت مع الحسن والحسين عليهما السلام في الدار، فدخل الحسن المخرج، ثم خرج، فقال: لقد سقيت السم مرارا، ما سقيت مثل هذه المرة، لقد لفظت قطعة من كبدي فجعلت