وحمل الحسن عليه السلام على سرير إلى المدائن، وبها سعيد (1) بن مسعود الثقفي واليا عليها من قبله، وقد كان علي عليه السلام ولاه المدائن فأقره الحسن عليه السلام عليها، فأقام عنده يعالج نفسه. فأما معاوية فإنه وافى حتى نزل قرية يقال لها الحلوبية (2) بمسكن، وأقبل عبيد الله بن عباس حتى نزل بإزائه، فلما كان من غد وجه معاوية بخيله إليه فخرج إليهم عبيد الله فيمن معه فضربهم حتى ردهم إلى معسكرهم، فلما كان الليل أرسل معاوية إلى عبيد الله بن عباس أن الحسن قد راسلني في الصلح، وهو مسلم الامر إلى، فإن دخلت في طاعتي الان كنت متبوعا، وإلا دخلت وأنت تابع، ولك إن أجبتني الان أن أعطيك ألف ألف درهم، أعجل لك في هذا الوقت نصفها، وإذا دخلت الكوفة النصف الآخر، فانسل عبيد الله إليه ليلا، فدخل عسكر معاوية، فوفى له بما وعده، وأصبح الناس ينتظرون عبيد الله أن يخرج فيصلى بهم، فلم يخرج حتى أصبحوا، فطلبوه فلم يجدوه، فصلى بهم قيس بن سعد بن عبادة، ثم خطبهم فثبتهم (3)، وذكر عبيد الله فنال منه، ثم أمرهم بالصبر والنهوض إلى العدو، فأجابوه بالطاعة وقالوا له: انهض بنا إلى عدونا على اسم الله، فنزل فنهض بهم.
وخرج إليه بسر بن أرطاة فصاح إلى أهل العراق: ويحكم! هذا أميركم عندنا قد بايع وإمامكم الحسن قد صالح، فعلام تقتلون أنفسكم!