شرح نهج البلاغة - ابن أبي الحديد - ج ١٦ - الصفحة ٤٢
وحمل الحسن عليه السلام على سرير إلى المدائن، وبها سعيد (1) بن مسعود الثقفي واليا عليها من قبله، وقد كان علي عليه السلام ولاه المدائن فأقره الحسن عليه السلام عليها، فأقام عنده يعالج نفسه. فأما معاوية فإنه وافى حتى نزل قرية يقال لها الحلوبية (2) بمسكن، وأقبل عبيد الله بن عباس حتى نزل بإزائه، فلما كان من غد وجه معاوية بخيله إليه فخرج إليهم عبيد الله فيمن معه فضربهم حتى ردهم إلى معسكرهم، فلما كان الليل أرسل معاوية إلى عبيد الله بن عباس أن الحسن قد راسلني في الصلح، وهو مسلم الامر إلى، فإن دخلت في طاعتي الان كنت متبوعا، وإلا دخلت وأنت تابع، ولك إن أجبتني الان أن أعطيك ألف ألف درهم، أعجل لك في هذا الوقت نصفها، وإذا دخلت الكوفة النصف الآخر، فانسل عبيد الله إليه ليلا، فدخل عسكر معاوية، فوفى له بما وعده، وأصبح الناس ينتظرون عبيد الله أن يخرج فيصلى بهم، فلم يخرج حتى أصبحوا، فطلبوه فلم يجدوه، فصلى بهم قيس بن سعد بن عبادة، ثم خطبهم فثبتهم (3)، وذكر عبيد الله فنال منه، ثم أمرهم بالصبر والنهوض إلى العدو، فأجابوه بالطاعة وقالوا له: انهض بنا إلى عدونا على اسم الله، فنزل فنهض بهم.
وخرج إليه بسر بن أرطاة فصاح إلى أهل العراق: ويحكم! هذا أميركم عندنا قد بايع وإمامكم الحسن قد صالح، فعلام تقتلون أنفسكم!

(١) مقاتل الطالبيين: " سعد ".
(٢) ب: " الحيوضة ".
(٣) في مقاتل الطالبيين: " أيها الناس، لا يهولنكم ولا يعظمن عليكم ما صنع هذا الرجل الوله الورع " أي الجبان ". إن هذا وأباه وأخاه لم يأتوا بيوم خير قط، إن أباه عم رسول الله صلى الله عليه وسلم خرج يقاتل ببدر، فأسره أبو الميسر كعب بن عمرو الأنصاري، فأتى به رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأخذ فداءه فقسمه بين المسلمين، وإن أخاه ولاه علي أمير المؤمنين على البصرة، فسرق مال الله ومال المسلمين، فاشترى به الجواري، وزعم أن ذلك له حلال، وأن هذا ولاه علي اليمن. فهرب من بسر ابن أرطاة، وترك ولده حتى قتلوا، وصنع الآن هذا الذي صنع. قال: فتنادى الناس: الحمد لله الذي أخرجه من بيننا، فانهض بنا إلى عدونا، فنهض بهم ".
(٤٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 37 38 39 40 41 42 43 44 45 46 47 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 29 - من كتاب له عليه السلام إلى أهل البصرة 3
2 30 - من كتاب له عليه السلام إلى معاوية 6
3 31 - من وصية له عليه السلام للحسن ابنه، كتبها إليه بحاضرين عند الفراق من صفين 9
4 ترجمة الحسن بن علي وذكر بعض أخباره 9
5 بعض ما قيل من الشعر في الدهر وفعله بالإنسان 55
6 أقوال حكيمة في وصف الدنيا وفناء الخلق 91
7 بعض ما قيل من الشعر في الغيرة 127
8 اعتزاز الفرزدق بقومه 129
9 وفود الوليد بن جابر على معاوية 130
10 32 - من كتاب له عليه السلام إلى معاوية 132
11 ذكر بعض ما دار بين علي ومعاوية من الكتب 133
12 قثم بن العباس وبعض أخباره 140
13 34 - من كتاب له عليه السلام إلى محمد بن أبي بكر لما بلغه توجده من عزله بالأشتر على مصر 142
14 محمد بن أبي بكر وبعض أخباره 142
15 35 - من كتاب له عليه السلام إلى عبد الله بن العباس بعد مقتل محمد ابن أبي بكر 145
16 36 - من كتاب له عليه السلام إلى أخيه عقيل بن أبي طالب في ذكر جيش أنفذه إلى بعض الأعداء 148
17 37 - من كتاب له عليه السلام إلى معاوية 153
18 38 - من كتاب له عليه السلام إلى أهل مصر لما ولى عليهم الأشتر 156
19 39 - من كتاب له عليه السلام إلى عمرو بن العاص 160
20 40 - من كتاب له عليه السلام إلى بعض عماله 164
21 41 - من كتاب له عليه السلام إلى بعض عماله أيضا 167
22 اختلاف الرأي فيمن كتبه له هذا الكتاب 169
23 42 - من كتاب له عليه السلام إلى عمر بن أبي سلمة المخزومي 173
24 عمر بن أبي سلمة ونسبه وبعض أخباره 173
25 النعمان بن عجلان ونسبه وبعض أخباره 174
26 43 - من كتاب له عليه السلام إلى مصقلة بن هبيرة الشيباني، وكان عامله على أردشير خرة 175
27 44 - من كتاب له عليه السلام إلى زياد بن أبيه، وقد بلغه أن معاوية كتب إليه يريد خديعته واستلحاقه 177
28 نسب زياد بن أبيه وذكر بعض أخباره وكتبه وخطبه 179
29 45 - من كتاب له عليه السلام إلى عثمان بن حنيف عامله على البصرة 205
30 عثمان بن حنيف ونسبه 205
31 ذكر ما ورد من السير والأخبار في أمر فدك وفيه فصول: الفصل الأول فيما ورد من الأخبار والسير المنقولة من أفواه أهل الحديث وكتبهم 210
32 الفصل الثاني في النظر في أن النبي صلى الله عليه وسلم هل يورث أم لا؟ 237
33 الفصل الثالث في أن فدك هل صح كونها نحلة رسول الله لفاطمة أم لا 268