أما بعد (1)، فإن الله يفعل في عباده ما يشاء، لا معقب لحكمه وهو سريع الحساب، فاحذر أن تكون منيتك على أيدي رعاع من الناس، وأيس (2) من أن تجد فينا (3) غميزة (4)، وإن أنت أعرضت عما أنت فيه وبايعتني وفيت لك بما وعدت، وأجريت لك ما شرطت، وأكون في ذلك كما قال أعشى بني قيس بن ثعلبة:
وإن أحد أسدى إليك أمانة * فأوف بها تدعى إذا مت وافيا ولا تحسد المولى إذا كان ذا غنى * ولا تجفه إن كان في المال فانيا ثم الخلافة لك من بعدي، فأنت أولى الناس بها. والسلام.
فأجابه الحسن:
أما بعد، فقد وصل إلي كتابك، تذكر فيه ما ذكرت، فتركت جوابك خشية البغي [منى] (6) عليك، وبالله أعوذ من ذلك، فاتبع الحق تعلم أنى من أهله، وعلي إثم أن أقول فأكذب. والسلام.
فلما وصل كتاب الحسن إلى معاوية قرأه، ثم كتب إلى عماله على النواحي بنسخة واحدة:
من (7 عبد الله معاوية أمير المؤمنين إلى فلان بن فلان 7) ومن قبله من المسلمين. سلام عليكم، فإني أحمد إليكم الله الذي لا إله إلا هو. أما بعد، فالحمد لله الذي كفاكم مؤنة عدوكم وقتل خليفتكم، إن الله بلطفه، وحسن صنعه، أتاح لعلي بن أبي طالب رجلا من عباده،