من عبد الله معاوية أمير المؤمنين إلى الحسن بن علي، سلام الله عليك، فإني أحمد إليك الله الذي لا إله إلا هو، أما بعد، فقد بلغني كتابك، وفهمت ما ذكرت به محمدا رسول الله من الفضل، وهو أحق الأولين والآخرين بالفضل كله قديمه وحديثه، وصغيره وكبيره، وقد والله بلغ وأدى، ونصح وهدى، حتى أنقذ الله به من الهلكة، وأنار به من العمى، وهدى به من الجهالة والضلالة، فجزاه الله أفضل ما جزى نبيا عن أمته، وصلوات الله عليه يوم ولد، ويوم بعث، ويوم قبض، ويوم يبعث حيا!
وذكرت وفاة النبي صلى الله عليه وآله وتنازع المسلمين الامر بعده، وتغلبهم على أبيك، فصرحت بتهمة أبى بكر الصديق وعمر الفاروق وأبى عبيدة الأمين وحواري (1) رسول الله صلى الله عليه وآله، وصلحاء المهاجرين والأنصار، فكرهت ذلك لك، انك امرؤ عندنا وعند الناس غير الظنين (2) ولا المسئ، ولا اللئيم، وأنا أحب لك القول السديد، والذكر الجميل.
إن هذه الأمة لما اختلفت بعد نبيها لم تجهل فضلكم ولا سابقتكم، ولا قرابتكم من نبيكم، ولا مكانكم في الاسلام وأهله، فرأت الأمة أن تخرج من هذا الامر لقريش لمكانها من نبيها، ورأي صلحاء الناس من قريش والأنصار وغيرهم من سائر الناس وعوامهم أن يولوا هذا الامر من قريش أقدمها إسلاما، وأعلمها بالله، وأحبها له، وأقواها على أمر الله، فاختاروا أبا بكر، وكان ذلك رأي ذوي الدين والفضل، والناظرين للأمة، فأوقع ذلك في صدوركم لهم التهمة، ولم يكونوا متهمين، ولا فيما أتوا بالمخطئين، ولو رأى المسلمون أن فيكم من يغني غناءه، ويقوم مقامه، ويذب عن حريم الاسلام ذبه