فأقام به ثلاثا حتى اجتمع الناس، ثم دعا عبيد الله بن العباس بن عبد المطلب، فقال له:
يا بن عم، إني باعث إليك اثنى عشر ألفا من فرسان العرب وقراء المصر، الرجل منهم يزيد (1) الكتيبة، فسر بهم، وألن لهم جانبك، وابسط لهم وجهك، وافرش لهم جناحك، وأدنهم من مجلسك، فإنهم بقية ثقات أمير المؤمنين، وسر بهم على شط الفرات حتى تقطع بهم الفرات، ثم تصير إلى مسكن، ثم امض حتى تستقبل بهم معاوية، فإن أنت لقيته فاحبسه حتى آتيك، فإني على أثرك وشيكا، وليكن خبرك عندي كل يوم، وشاور هذين يعنى - قيس ابن سعد وسعيد بن قيس - وإذا لقيت معاوية فلا تقاتله حتى يقاتلك، فإن فعل فقاتله، وإن أصبت فقيس بن سعد على الناس، وإن أصيب قيس بن سعد فسعيد بن قيس على الناس (2).
فسار عبيد الله حتى انتهى إلى شينور (3)، حتى خرج إلى شاهي (4)، ثم لزم الفرات والفلوجة (5)، حتى أتى مسكن (6)، وأخذ الحسن على حمام عمر حتى أتى دير كعب، ثم بكر فنزل ساباط دون القنطرة، فلما أصبح نادى في الناس: الصلاة جامعة!
فاجتمعوا، فصعد المنبر فخطبهم فقال: الحمد لله كلما حمده حامد، وأشهد أن لا إله إلا الله كلما شهد له شاهد، وأشهد أن محمدا رسول الله، أرسله بالحق، وائتمنه على الوحي، صلى الله عليه وآله. أما بعد، فوالله إني لأرجو أن أكون قد أصبحت بحمد الله ومنه وأنا أنصح خلقه لخلقه، وما أصبحت محتملا على مسلم ضغينة، ولا مريد له بسوء ولا غائلة.
ألا وإن ما تكرهون في الجماعة خير لكم مما تحبون في الفرقة، ألا وإني ناظر لكم خيرا