شرح نهج البلاغة - ابن أبي الحديد - ج ١٦ - الصفحة ٢٠٣
ولا حابسا عطاء، ولا مجمرا (1) بعثا، فادعوا الله بالصلاح لأئمتكم فإنهم ساستكم المؤدبون، وكهفكم الذي إليه تأوون، ومتى يصلحوا تصلحوا، فلا تشربوا قلوبكم بغضهم، فيشتد لذلك غيظكم، ويطول لذلك حزنكم، ولا تدركوا حاجتكم، مع أنه لو استجيب لأحد منكم لكان شرا لكم. أسال الله أن يعين كلا على كل. وإذا رأيتموني أنفذ فيكم الامر فأنفذوه على أذلاله (2). وأيم الله إن لي فيكم لصرعى كثيرة، فليحذر كل امرئ منكم أن يكون من صرعاي.
فقام عبد الله بن الأهتم فقال: أشهد أيها الأمير، لقد أوتيت الحكمة وفصل الخطاب.
فقال: كذبت، ذاك نبي الله داود.
فقام الأحنف فقال: إنما الثناء بعد البلاء، والحمد بعد العطاء، وأنا لا نثني حتى نبتلى، ولا نحمد حتى نعطى.
فقال زياد: صدقت فقام أبو بلال مرداس بن أدية يهمس ويقول: أنبأنا الله بغير ما قلت، (فقال): (وإبراهيم الذي وفى * ألا تزر وازرة وزر أخرى) (4)، فسمعها زياد فقال: يا أبا بلال، إنا لا نبلغ ما نريد بأصحابك حتى نخوض إليهم الباطل خوضا (5).
* * * وروى الشعبي: قال: قدم زياد الكوفة لما جمعت له مع البصرة، فدنوت من المنبر لأسمع كلامه، فلم أر أحدا يتكلم فيحسن إلا تمنيت أن يسكت مخافة أن يسئ، إلا زيادا فإنه كان لا يزداد إكثارا إلا ازداد إحسانا، فكنت تمنى إلا يسكت.

(1) تجمير الجند: أن يحسبهم في أرض العدو ويحسبهم عن العود إلى أهلهم.
(2) على أذلاله، على طرقه ووجوهه، واحده ذل، وهو ما ذلل ومهد من الطريق.
(3) من البيان.
(4) بعدها في البيان: (وأنت تزعم أنك تأخذ البرئ بالسقيم، والمطيع بالعاصي والمقبل بالمدبر).
(5) الخطبة رواها الجاحظ في البيان والتبيين 2: 61، وهي أيضا في عيون الأخبار 2: 241، ونوادر القالي 1: 185، والطبري (حوادث 45)
(٢٠٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 198 199 200 201 202 203 204 205 206 207 208 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 29 - من كتاب له عليه السلام إلى أهل البصرة 3
2 30 - من كتاب له عليه السلام إلى معاوية 6
3 31 - من وصية له عليه السلام للحسن ابنه، كتبها إليه بحاضرين عند الفراق من صفين 9
4 ترجمة الحسن بن علي وذكر بعض أخباره 9
5 بعض ما قيل من الشعر في الدهر وفعله بالإنسان 55
6 أقوال حكيمة في وصف الدنيا وفناء الخلق 91
7 بعض ما قيل من الشعر في الغيرة 127
8 اعتزاز الفرزدق بقومه 129
9 وفود الوليد بن جابر على معاوية 130
10 32 - من كتاب له عليه السلام إلى معاوية 132
11 ذكر بعض ما دار بين علي ومعاوية من الكتب 133
12 قثم بن العباس وبعض أخباره 140
13 34 - من كتاب له عليه السلام إلى محمد بن أبي بكر لما بلغه توجده من عزله بالأشتر على مصر 142
14 محمد بن أبي بكر وبعض أخباره 142
15 35 - من كتاب له عليه السلام إلى عبد الله بن العباس بعد مقتل محمد ابن أبي بكر 145
16 36 - من كتاب له عليه السلام إلى أخيه عقيل بن أبي طالب في ذكر جيش أنفذه إلى بعض الأعداء 148
17 37 - من كتاب له عليه السلام إلى معاوية 153
18 38 - من كتاب له عليه السلام إلى أهل مصر لما ولى عليهم الأشتر 156
19 39 - من كتاب له عليه السلام إلى عمرو بن العاص 160
20 40 - من كتاب له عليه السلام إلى بعض عماله 164
21 41 - من كتاب له عليه السلام إلى بعض عماله أيضا 167
22 اختلاف الرأي فيمن كتبه له هذا الكتاب 169
23 42 - من كتاب له عليه السلام إلى عمر بن أبي سلمة المخزومي 173
24 عمر بن أبي سلمة ونسبه وبعض أخباره 173
25 النعمان بن عجلان ونسبه وبعض أخباره 174
26 43 - من كتاب له عليه السلام إلى مصقلة بن هبيرة الشيباني، وكان عامله على أردشير خرة 175
27 44 - من كتاب له عليه السلام إلى زياد بن أبيه، وقد بلغه أن معاوية كتب إليه يريد خديعته واستلحاقه 177
28 نسب زياد بن أبيه وذكر بعض أخباره وكتبه وخطبه 179
29 45 - من كتاب له عليه السلام إلى عثمان بن حنيف عامله على البصرة 205
30 عثمان بن حنيف ونسبه 205
31 ذكر ما ورد من السير والأخبار في أمر فدك وفيه فصول: الفصل الأول فيما ورد من الأخبار والسير المنقولة من أفواه أهل الحديث وكتبهم 210
32 الفصل الثاني في النظر في أن النبي صلى الله عليه وسلم هل يورث أم لا؟ 237
33 الفصل الثالث في أن فدك هل صح كونها نحلة رسول الله لفاطمة أم لا 268