ساعة فسد تدبير سنه، وطارق الليل فشر ما جاء به، والطباخ إذا فرغ من الطعام، فإنه متى أعيد عليه التسخين فسد.
وكان حارثة بن بدر الغداني قد غلب على زياد، وكان حارثة مشتهرا بالشراب، فقيل لزياد في ذلك، فقال: كيف باطراح رجل هو يسايرني منذ قدمت العراق فلا يصل ركابه ركابي، ولا تقدمني قط فنظرت إلى قفاه، ولا تأخر عنى فلويت عنقي إليه، ولا أخذ على الشمس في شتاء قط، ولا الروح في صيف قط، ولا سألته عن علم. إلا ظننته لا يحسن غيره.
ومن كلامه: كفى بالبخل عارا أن أسمه لم يقع في حمد قط، وكفى بالجود فخرا أن أسمه لم يقع في ذم قط.
وقال: ملاك السلطان الشدة على المريب، واللين للمحسن، وصدق الحديث والوفاء بالعهد.
وقال: ما أتيت مجلسا قط إلا تركت منه ما لو أخذته لكان لي، وترك ما لي أحب إلى من أخذ ما ليس لي.
وقال: ما قرأت مثل كتب الربيع بن زياد الحارثي، ما كتب إلى كتابا قط إلا في اجترار منفعة، أو دفع مضرة، لا شاورته يوما قط في أمر مبهم إلا وسبق إلى الرأي.
وقال: يعجبني من الرجل إذا أتى مجلسا أن يعلم أين مكانه منه، فلا يتعداه إلى غيره، وإذا سيم خطة خسف أن يقول (لا) بملء فيه.
* * * فأما خطبة زياد المعروفة بالبتراء - وإنما سميت بذلك لأنه لم يحمد الله، فيها ولا صلى على رسوله - فقد ذكرها علي بن محمد المدائني قال: قدم زياد البصرة أميرا عليها أيام معاوية والفسق فيها فاش جدا، وأموال الناس منتهبة، والسياسة ضعيفة فصعد المنبر فقال: