عنه، ما عدل بك من قبلنا من الناس أحدا، ولمحا ذلك عندهم ما كانوا يعرفونك به من المجانبة لعثمان والبغي عليه، وأخرى أنت بها عند أنصار عثمان ظنين (1) إيواؤك قتلة عثمان، فهم عضدك وأنصارك، ويدك وبطانتك، وقد ذكر لي أنك تتنصل من دمه، فإن كنت صادقا فأمكنا من قتلته نقتلهم به، ونحن أسرع الناس إليك، وإلا فإنه ليس لك ولأصحابك إلا السيف، والذي لا إله إلا هو لنطلبن قتلة عثمان في الجبال والرمال، والبر والبحر، حتى يقتلهم الله أو لتلحقن أرواحنا بالله والسلام (2).
قال نصر، فلما قدم أبو مسلم على علي عليه السلام بهذا الكتاب، قام فحمد الله وأثنى عليه، ثم قال: أما بعد، فإنك قد قمت بأمر وليته ووالله ما أحب أنه لغيرك. إن أعطيت الحق من نفسك. إن عثمان قتل مسلما محرما مظلوما، فادفع إلينا قتلته، وأنت أميرنا، فإن خالفك من الناس أحد كانت أيدينا لك ناصرة، وألسنتنا لك شاهدة، وكنت ذا عذر وحجة. فقال له علي عليه السلام: أغد على غدا، فخذ جواب كتابك فانصرف، ثم رجع من غد ليأخذ جواب كتابه، فوجد الناس قد بلغهم الذي جاء فيه قبل، فلبست الشيعة أسلحتها ثم غدوا فملئوا المسجد، فنادوا كلنا قتلة عثمان، وأكثروا من النداء بذلك وأذن لأبي مسلم، فدخل فدفع علي عليه السلام جواب كتاب معاوية، فقال أبو مسلم: لقد رأيت قوما ما لك معهم أمر، قال: وما ذاك؟ قال بلغ القوم أنك تريد أن تدفع إلينا قتلة عثمان فضجوا، واجتمعوا، ولبسوا السلاح، وزعموا أنهم قتلة عثمان. فقال علي عليه السلام، والله ما أردت أن أدفعهم إليكم طرفة عين قط، لقد ضربت هذا الامر أنفه وعينه، فما رأيته ينبغي لي أن أدفعهم إليك، ولا إلى غيرك. فخرج أبو مسلم بالكتاب وهو يقول الان طاب الضراب!