شديد إلى يومي هذا، فإن قتلت حمزة فأنت حر، فخرجت مع الناس ولي مزاريق (1) كنت أمر بهند بنت عتبة فتقول: إيه أبا دسمة! اشف واشتف. فلما وردنا أحدا نظرت إلى حمزة يقدم الناس يهدهم هدا، فرآني وقد كمنت له تحت شجرة، فاقبل نحوي، وتعرض له سباع الخزاعي، فأقبل إليه وقال، وأنت أيضا يا بن مقطعة البظور ممن يكثر علينا! هلم إلى، وأقبل نحوه حتى رأيت برقان رجليه، ثم ضرب به الأرض وقتله، وأقبل نحوي سريعا، فيعترض له جرف فيقع فيه، وأزرقه بمزراق فيقع في لبته حتى خرج من بين رجليه. فقتله، ومررت بهند بنت عتبة فأذنتها، فأعطتني ثيابها وحليها، وكان في ساقيها خدمتان من جزع ظفار (2) ومسكتان من ورق، وخواتيم من ورق كن في أصابع رجليها، فأعطتني بكل ذلك، وأما مسيلمة فإنا دخلنا حديقة الموت يوم اليمامة فلما رأيته زرقته بالمزراق وضربه، رجل من الأنصار بالسيف، فربك أعلم أينا قتله! إلا أنى سمعت امرأة تصيح فوق جدار: قتله العبد الحبشي. قال عبيد الله: فقلت:
أتعرفني؟ فأكر بصره علي وقال: ابن عدي لعاتكة بنت العيص؟ قلت: نعم، قال:
أما والله ما لي بك عهد بعد أن دفعتك إلى أمك في محفتك التي كانت ترضعك فيها، ونظرت إلى برقان قدميك حتى كأنه الان.
وروى محمد بن إسحاق في كتاب المغازي، قال علت هند يومئذ صخرة مشرفة، وصرخت بأعلى صوتها:
نحن جزيناكم بيوم بدر * والحرب بعد الحرب ذات سعر (3) ما كان عن عتبة لي من صبر * ولا أخي وعمه وبكري شفيت نفسي وقضيت نذري * شفيت وحشى غليل صدري