أحد منهم أنه هرب حين هرب عثمان ولا إلى الجهة التي فر إليها عثمان، وإنما هرب معتصما بالجبل، وهذا ليس بعيب ولا ذنب، لان الذين ثبتوا مع رسول الله صلى الله عليه وآله اعتصموا بالجبل كلهم واصعدوا فيه، ولكن يبقى الفرق بين من أصعد في الجبل في آخر الامر ومن أصعد فيه والحرب لم تضع أوزارها، فإن كان عمر أصعد فيه آخر الامر، فكل المسلمين هكذا صنعوا حتى رسول الله صلى الله عليه وآله، وإن كان ذلك والحرب قائمة بعد تفرق.
ولم يختلف الرواة من أهل الحديث في أن أبا بكر لم يفر يومئذ، وأنه ثبت فيمن ثبت، وإن لم يكن نقل عنه قتل أو قتال، والثبوت جهاد وفيه وحده كفاية.
وأما رواة الشيعة فإنهم يروون أنه لم يثبت إلا علي وطلحة والزبير وأبو دجانة وسهل بن حنيف وعاصم بن ثابت، ومنهم من روى أنه ثبت معه أربعة عشر رجلا من المهاجرين والأنصار، ولا يعدون أبا بكر وعمر منهم. روى كثير من أصحاب الحديث أن عثمان جاء بعد ثالثة إلى رسول الله صلى الله عليه وآله فسأله إلى أين انتهيت؟ فقال: إلى الأعرض، فقال: لقد ذهبت فيها عريضة (1).
* * * روى الواقدي قال: كان بين عثمان أيام خلافته وبين عبد الرحمن بن عوف كلام، فأرسل عبد الرحمن إلى الوليد بن عقبة فدعاه، فقال: اذهب إلى أخيك فأبلغه عنى ما أقول لك، فإني لا أعلم أحدا يبلغه غيرك. قال الوليد: أفعل. قال: قل له يقول لك عبد الرحمن، شهدت بدرا ولم تشهدها، وثبت يوم أحد ووليت، وشهدت بيعه الرضوان ولم تشهدها، فلما أخبره قال عثمان: صدق أخي، تخلفت عن بدر على ابنة رسول الله صلى الله عليه وسلم هي مريضة فضرب لي رسول الله صلى الله عليه وآله بسهمي وأجرى، فكنت بمنزلة من