ولا من عبد الدار المستحجبين، فبم تفخر؟ قال: نحن ريحانة قريش، قال أبو الصقعب:
قبحا لما جئت به! وهل تدري لم سميت مخزوم ريحانة قريش؟ سميت لحظوة نسائها عند الرجال، فأفحمه.
روى أبو العباس المبرد في كتاب " الكامل " أن معاوية قال للأحنف بن قيس وجارية (1) بن قدامة ورجال من بني سعد معهما كلاما أحفظهم، فردوا عليه جوابا مقذعا، وامرأته فاختة بنت قرظة في بيت يقرب منهم، وهي أم عبد الله بن معاوية، فسمعت ذلك فلما، خرجوا قالت: يا أمير المؤمنين، لقد سمعت من هؤلاء الأجلاف كلاما تلقوك به فلم تنكر، فكدت أن أخرج إليهم فأسطو بهم! فقال معاوية: إن مضر كاهل العرب، وتميما كاهل مضر، وسعدا كاهل تميم، وهؤلاء كاهل سعد (2).
وروى أبو العباس أيضا أن عبد الملك ذكر يوما بني دارم، فقال أحد جلسائه:
يا أمير المؤمنين، هؤلاء قوم محظوظون - يعنى في كثرة النسل ونماء الذرية - فلذلك انتشر صيتهم. فقال عبد الملك: ما تقول! هذا وقد مضى منهم لقيط بن زرارة ولم يخلف عقبا، ومضى قعقاع بن معبد بن زرارة ولم يخلف عقبا، ومضى محمد بن عمير بن عطارد بن حاجب بن زرارة ولم يخلف عقبا! والله لا تنسى العرب هذه الثلاثة أبدا (3).
قال أبو العباس: إن الأصمعي قال: إن حربا كانت بالبادية ثم اتصلت بالبصرة، فتفاقم الامر فيها، ثم مشي بين الناس بالصلح، فاجتمعوا في المسجد الجامع. قال: فبعثت وأنا غلام إلى ضرار بن القعقاع من بني دارم، فاستأذنت عليه، فأذن لي، فدخلت، فإذا به في شمله يخلط بزرا لعنز له حلوب، فخبرته بمجتمع القوم، فأمهل حتى أكلت العنز، ثم غسل الصحفة وصاح: يا جارية، غدينا، فأتته بزيت وتمر، فدعاني فقذرته