ومنا الذي أعطى يديه رهينة * لغارى معد يوم ضرب الجماجم (1) عشيه سال المربدان كلاهما * عجاجة موت بالسيوف الصوارم هنالك لو تبغى كليبا وجدتها * أذل من القردان تحت المناسم ويقال: إن تميما في ذلك الوقت مع باديتها وحلفائها من الأساورة والزط والسبابجة وغيرهم كانوا زهاء سبعين ألفا، وفي ذلك يقول جرير:
سائل ذوي يمن ورهط محرق * والأزد إذ ندبوا لنا مسعودا (2) فأتاهم سبعون ألف مدجج * متسربلين يلامقا وحديدا (3) قال الأحنف بن قيس: فكثرت علي الديات فلم أجدها في حاضرة تميم، فخرجت نحو يبرين إلى بادية تميم، فسألت عن المقصود هناك، فأرشدت إلى قبة، فإذا شيخ جالس بفنائها مؤتزر بشملة، محتب بحبل، فسلمت عليه، وانتسبت له، فقال لي: ما فعل رسول الله صلى الله عليه وآله؟ قلت: توفى. قال: فما فعل عمر بن الخطاب الذي كان يحفظ العرب ويحوطها؟ قلت: توفى. قال: فأي خير في حاضرتكم بعدهما؟ قال:
فذكرت له الديات التي لزمتنا للأزد وربيعة، قال: فقال لي: أقم، فإذا راع قد أراح عليه ألف بعير، فقال خذها، ثم أراح علينا آخر مثلها، فقال خذها، فقلت: لا أحتاج إليها. قال: فانصرفت بالألف عنه، ووالله ما أدرى من هو إلى الساعة (4)!