ونكفيك بكرا إذا أقبلت * بضرب يشيب له الأمرد ولكيز بن أفصى تعم عبد القيس. قال: فلما تواقفوا بعث إليهم الأحنف: يا معشر الأزد من اليمن وربيعة من أهل البصرة، أنتم والله أحب إلينا من تميم الكوفة، وأنتم جيراننا في الدار، ويدنا على العدو، وأنتم بدأتمونا بالأمس، ووطأتم حريمنا، وحرقتم علينا، فدفعنا عن أنفسنا، ولا حاجة لنا في الشر ما طلبنا في الخير مسلكا، فتيمموا بنا طريقة مستقيمة (١). فوجه إليه زياد بن عمرو، تخير خلة من ثلاث: إن شئت فأنزل أنت وقومك على حكمنا، وإن شئت فخل لنا عن البصرة وارحل أنت وقومك إلى حيث شئتم، وإلا فدوا قتلانا، واهدروا دماءكم، وليود مسعود دية المشعرة.
قال أبو العباس: وتأويل قوله: " دية المشعرة "، يريد أمر الملوك في الجاهلية، وكان الرجل إذا قتل وهو من أهل بيت المملكة ودي عشر ديات - فبعث إليه الأحنف:
سنختار. فانصرفوا في يومكم، فهز القوم راياتهم وانصرفوا، فلما كان الغد، بعث الأحنف إليهم: إنكم خيرتمونا خلالا ليس لنا فيها خيار، أما النزول على حكمكم فكيف يكون والكلم (٢) يقطر، وأما ترك ديارنا فهو أخو القتل. قال الله عز وجل: ﴿ولو أنا كتبنا عليهم أن اقتلوا أنفسكم أو اخرجوا من دياركم ما فعلوه إلا قليل﴾ (3)، ولكن الثالثة إنما هي حمل على المال، فنحن نبطل دماءنا، وندي قتلاكم، وإنما مسعود رجل من المسلمين، وقد أذهب الله عز وجل أمر الجاهلية، فاجتمع القوم على أن يقفوا أمر مسعود، ويغمدوا السيف، وتودي سائر القتلى من الأزد وربيعة، فضمن ذلك الأحنف، ودفع إليهم إياس بن قتادة المجاشعي رهينة حتى يؤدى هذا المال، فرضى به القوم، ففخر بذلك الفرزدق، فقال لجرير: