شرح نهج البلاغة - ابن أبي الحديد - ج ١٤ - الصفحة ٨٥
يتجسسان خبر العير، حتى نزلا على كشد (1) الجهني بالموضع المعروف بالنخبار (2)، وهو من وراء ذي المروة على الساحل، فأجارهما وأنزلهما، فلم يزالا مقيمين في خباء وبر حتى مرت العير، فرفعهما على نشز من الأرض، فنظرا إلى القوم وإلى ما تحمل العير، وجعل أهل العير يقولون لكشد يا كشد، هل رأيت أحدا من عيون محمد فيقول أعوذ بالله، وأنى لمحمد عيون بالنخبار فلما راحت العير باتا حتى أصبحا ثم خرجا، وخرج معهما كشد خفيرا، حتى أوردهما ذا المروة، وساحلت العير فأسرعت، وسار بها أصحابها ليلا ونهارا، فرقا من الطلب، وقدم طلحة وسعيد المدينة في اليوم الذي لقى رسول الله صلى الله عليه وآله قريشا ببدر، فخرجا يعترضان رسول الله صلى الله عليه وآله، فلقياه بتربان - وتربان بين ملل والسالة على المحجة، وكانت منزل عروة بن أذينة الشاعر - وقدم كشد بعد ذلك على النبي صلى الله عليه وآله، وقد أخبر طلحة وسعيد رسول الله صلى الله عليه وآله بما صنع بهما، فحباه وأكرمه، وقال: ألا أقطع لك ينبع قال: إني كبير، وقد نفد عمري. ولكن اقطعها لابن أخي، فأقطعها له (3).
قالوا وندب رسول الله صلى الله عليه وآله المسلمين، وقال هذه عير قريش، فيها أموالهم لعل الله أن يغنمكموها. فأسرع من أسرع، حتى أن كان الرجل ليساهم أباه في الخروج، فكان ممن ساهم أباه سعد بن خيثمة، فقال سعد لأبيه إنه لو كان غير الجنة آثرتك به، إني لأرجو الشهادة في وجهي هذا، فقال خيثمة آثرني وقر مع نسائك، فأبى سعد، فقال خيثمة إنه لا بد لأحدنا من أن يقيم، فاستهما، فخرج سهم سعد، فقتل ببدر. وأبطأ عن النبي صلى الله عليه وآله بشر كثير من أصحابه، وكرهوا خروجه، وكان في ذلك كلام كثير واختلاف، وبعضهم تخلف من أهل النيات والبصائر، لم يظنوا أنه يكون قتال، إنما هو الخروج للغنيمة، ولو ظنوا أنه يكون قتال لما تخلفوا، منهم أسيد

(١) في الإصابة: كسد بالسين المهملة وما أثبته من الأصول يوافق ما في المغازي.
(٢) في مغازي الواقدي: (النخبار من وراء ذي المروة على الساحل). ولم أجده في ياقوت.
(٣) الخبر في الإصابة ٣: ٣٧٧.
(٨٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 80 81 82 83 84 85 86 87 88 89 90 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 1 - من كتاب له عليه السلام إلى أهل الكوفة عند مسيره من المدينة إلى البصرة 6
2 أخبار على عند مسيره إلى البصرة ورسله إلى الكوفة 8
3 فصل في نسب عائشة وأخبارها 21
4 2 - ومن كتاب له عليه السلام بعد فتح البصرة 26
5 3 - من كتاب له عليه السلام لشريح بن الحارث قاضيه 27
6 نسب شريح وذكر بعض أخباره 28
7 4 - من كتاب له عليه السلام إلى بعض أمراء جيشه 32
8 5 - من كتاب له عليه السلام إلى الأشعث بن قيس وهو عامل أذربيجان 33
9 6 - من كتاب له عليه السلام إلى معاوية 35
10 جرير بن عبد الله البجلي عند معاوية 38
11 7 - من كتاب له عليه السلام إلى معاوية أيضا 41
12 8 - من كتاب له عليه السلام إلى جرير بن عبد الله البجلي لما أرسله إلى معاوية 45
13 9 - ومن كتاب له عليه السلام إلى معاوية أيضا 47
14 إجلاب قريش على بني هاشم وحصرهم في الشعب 52
15 القول في المؤمنين والكافرين من بني هاشم 64
16 اختلاف الرأي في إيمان أبي طالب 65
17 قصة غزوة بدر 84
18 القول في نزول الملائكة يوم بدر ومحاربتها المشركين 157
19 القول فيما جرى في الغنيمة والأسارى بعد هزيمة قريش ورجوعها إلى مكة 165
20 القول في تفصيل أسماء أسارى بدر ومن أسرهم 199
21 القول في المطعمين في بدر من المشركين 205
22 القول فيمن قتل ببدر من المشركين وأسماء قاتليهم 208
23 القول فيمن شهد بدرا من المسلمين 212
24 قصة غزوة أحد 213