وكان يقال ظلم الرعية استجلاب البلية.
وكان يقال العجب ممن استفسد رعيته وهو يعلم أن عزه بطاعتهم.
وكان يقال موت الملك الجائر خصب شامل.
وكان يقال لا قحط أشد من جور السلطان.
وكان يقال قد تعامل الرعية المشمئزة بالرفق فتزول أحقادها ويذل قيادها وقد تعامل بالخرق فتكاشف بما غيبت وتقدم على ما عيبت حتى يعود نفاقها شقاقا ورذاذها سيلا بعاقا (1) ثم إن غلبت وقهرت فهو الدمار وإن غلبت وقهرت لم يكن بغلبها افتخار ولم يدرك بقهرها ثار وكان يقال الرعيد وإن كانت ثمارا مجتناه وذخائر مقتناه وسيوفا منتضاة وأحراسا مرتضاة فان لها نفارا كنفار الوحوش وطغيانا كطغيان السيول ومتى قدرت أن تقول قدرت على أن تصول.
وكان يقال أيدي الرعية تبع ألسنتها فلن يملك الملك ألسنتها حتى يملك جسومها ولن يملك جسومها حتى يملك قلوبها فتحبه ولن تحبه حتى يعدل عليها في احكامه عدلا يتساوى فيه الخاصة والعامة وحتى يخفف عنها المؤن والكلف وحتى يعفيها من رفع أوضاعها وأراذلها عليها وهذه الثالثة تحقد على الملك العلية من الرعية وتطمع السفلة في الرتب السنية.
وكان يقال الرعية ثلاثة أصناف صنف فضلاء مرتاضون بحكم الرياسة والسياسة يعلمون فضيلة الملك وعظيم غنائه ويرثون له من ثقل أعبائه فهؤلاء يحصل الملك موداتهم بالبشر عند اللقاء ويلقى أحاديثهم بحسن الاصغاء وصنف فيهم خير وشر ظاهران فصلاحهم يكتسب من معاملتهم بالترغيب والترهيب وصنف من السفلة الرعاع اتباع