إذا شئتم فانهضوا فتقدم الرجل يريد الكلام فقال له عبد الملك قف لا تمدحني فإني اعلم بنفسي منك ولا تكذبني فإنه لا رأي لمكذوب ولا تغتب عندي أحدا فإني أكره الغيبة قال أفيأذن أمير المؤمنين في الانصراف قال إذا شئت.
وناظر المأمون محمد بن القاسم النوشجاني في مسالة كلامية فجعل النوشجاني يخضع في الكلام ويستخذي له فقال يا محمد أراك تنقاد إلى ما أقوله قبل وجوب الحجة لي عليك وقد ساءني منك ذلك ولو شئت أن أفسر الأمور بعزة الخلافة وهيبة الرياسة لصدقت وإن كنت كاذبا وعدلت وإن كنت جائرا وصوبت وإن كنت مخطئا ولكني لا اقنع الا بإقامة الحجة وإزالة الشبهة وإن أنقص الملوك عقلا وأسخفهم رأيا من رضى بقولهم صدق الأمير.
وقال عبد الله بن المقفع في (اليتيمة) إياك إذا كنت واليا أن يكون من شأنك حب المدح والتزكية وأن يعرف الناس ذلك منك فتكون ثلمة من الثلم يقتحمون عيك منها وبابا يفتتحونك منه وغيبة يغتابونك بها ويسخرون منك لها واعلم أن قابل المدح كمادح نفسه وأن المرء جدير أن يكون حبه المدح هو الذي يحمله على رده فان الراد له ممدوح والقابل له معيب.
وقال معاوية لرجل من سيد قومك قال انا قال لو كنت كذلك لم تقله.
وقال الحسن ذم الرجل نفسه في العلانية مدح لها في السر.
كان يقال من أظهر عيب نفسه فقد زكاها.
* * * ومنها قوله عليه السلام: لو كنت كذلك لتركته انحطاطا لله تعالى عن تناول ما هو أحق به من الكبرياء في الحديث المرفوع (من تواضع لله رفعه الله ومن تكبر خفضه الله).