ثم إن الزكاة جعلت مع الصلاة قربانا لأهل الاسلام، فمن أعطاها طيب النفس بها، فإنها تجعل له كفارة، ومن النار حجازا ووقاية، فلا يتبعنها أحد نفسه، ولا يكثرن عليها لهفه، فإن من أعطاها غير طيب النفس بها يرجو بها ما هو أفضل منها فهو جاهل بالسنة، مغبون الاجر، ضال العمل، طويل الندم. ثم أداء الأمانة، فقد خاب من ليس من أهلها، إنها عرضت على السماوات المبنية، والأرضين المدحوة، والجبال ذات الطول المنصوبة، فلا أطول ولا أعرض، ولا أعلى ولا أعظم منها. ولو امتنع شئ بطول، أو عرض، أو قوة، أو عز، لامتنعن، ولكن أشفقن من العقوبة، وعقلن ما جهل من هو أضعف منهن، وهو الانسان، ﴿إنه كان ظلوما جهولا﴾ (١).
إن الله سبحانه وتعالى لا يخفى عليه ما العباد مقترفون في ليلهم ونهارهم، لطف به خبرا، وأحاط به علما، أعضاؤكم شهوده، وجوارحكم جنوده، وضمائركم عيونه، وخلواتكم عيانه.
* * * الشرح:
هذه الآية يستدل بها الأصوليون من أصحابنا على أن الكفار يعاقبون في الآخرة على ترك الواجبات الشرعية، وعلى فعل القبائح، لأنها في الكفار وردت، ألا ترى إلى قوله: ﴿في جنات يتساءلون عن المجرمين ما سلككم في سقر﴾ (2) فليس يجوز أن يعنى بالمجرمين هاهنا الفاسقين من أهل القبلة، لأنه قال: (قالوا لم نك من المصلين *