شرح نهج البلاغة - ابن أبي الحديد - ج ٩ - الصفحة ٨٢
قوله عليه السلام: " لا تهلكنا بالسنين " جمع: سنة، وهي الجدب والمحل، قال تعالى: ﴿ولقد أخذنا آل فرعون بالسنين﴾ (١)، وقال النبي صلى الله عليه وآله يدعو على المشركين: " اللهم اجعلها عليهم سنين كسني يوسف "، والسنة لفظ محذوف منه حرف، قيل إنه الهاء، وقيل الواو، فمن قال: المحذوف هاء، قال: أصله " سنهة " مثل جبهة، لأنهم قالوا: نخلة سنهاء، أي تحمل سنة ولا تحمل أخرى، وقال بعض الأنصار:
فليست بسنهاء ولا رجبية * ولكن عرايا في السنين الجوائح (٢) ومن قال أصلها الواو، احتج بقولهم: أسنى القوم يسنون إسناء، إذا لبثوا في المواضع سنة، فأما التصغير فلا يدل على أحد المذهبين بعينه، لأنه يجوز سنية وسنيهة، والأكثر في جمعها بالواو والنون " سنون " بكسر السين كما في هذه الخطبة، وبعضهم يقول:
" سنون " بالضم.
والمضايق الوعرة، بالتسكين، ولا يجوز التحريك، وقد وعر هذا الشئ بالضم وعورة، وكذلك توعر، أي صار وعرا، واستوعرت الشئ: استصعبته.
وأجاءتنا: ألجأتنا، قال تعالى: ﴿فأجاءها المخاض إلى جذع النخلة﴾ (3).
والمقاحط المجدبة: السنون الممحلة، جمع مقحطة.
وتلاحمت: اتصلت. والواجم: الذي قد اشتد حزنه حتى أمسك عن الكلام، والماضي " وجم " بالفتح يجم وجوما.
قوله: " ولا تخاطبنا بذنوبنا، ولا تقايسنا بأعمالنا "، أي لا تجعل جواب دعائنا لك ما تقتضيه ذنوبنا، كأنه يجعله كالمخاطب لهم، والمجيب عما سألوه إياه، كما يفاوض الواحد

(١) سورة الأعراف ١٣٠.
(٢) اللسان (سنه)،. نسبه إلى سويد بن الصامت الأنصاري.
(٣) سورة مريم ٢٣.
(٨٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 77 78 79 80 81 82 83 84 85 86 87 ... » »»
الفهرست