وفى المثل: " باءت عرار بكحل " (١) وهما بقرتان، قتلت إحداهما بالأخرى. وقال مهلهل لبجير لما قتل: " بؤ بشسع نعل كليب ".
قوله عليه السلام " أين الذين زعموا " هذا الكلام كناية وإشارة إلى قوم من الصحابة كانوا ينازعونه الفضل فمنهم من كان يدعى له أنه أفرض، ومنهم من كان يدعى له إنه أقرأ، ومنهم كان يدعى له أنه أعلم بالحلال والحرام. هذا مع تسليم هؤلاء له أنه عليه السلام أقضى الأمة، وأن القضاء يحتاج إلى كل هذه الفضائل، وكل واحدة منها لا تحتاج إلى غيرها، فهو إذا أجمع للفقه وأكثرهم احتواء عليه، إلا أنه عليه السلام لم يرض بذلك ولم يصدق الخبر الذي قيل: " أفرضكم فلان " إلى آخره فقال: إنه كذب وافتراء حمل قوما على وضعه الحسد والبغي والمنافسة لهذا الحي من بني هاشم، أن رفعهم الله على غيرهم، واختصهم دون من سواهم.
وأن هاهنا للتعليل، أي " لان " فحذف اللام التي هي أداة التعليل على الحقيقة قال سبحانه: ﴿بئس ما قدمت لهم أنفسهم أن سخط الله عليهم﴾ (2): وقال بعض النحاة لبعض الفقهاء الزاعمين أن لا حاجة للفقه إلى النحو: ما تقول لرجل قال لزوجته: أنت طالق إن دخلت الدار؟ فقال: لا يقع إلا بالدخول، فقال: فإن فتح الهمزة قال: كذلك، فعرفه أن العربية نافعة في الفقه، وأن الطلاق منجز لا معلق، إن كان مراده تعليل الطلاق بوقوع الدخول لاشتراطه به.
ثم قال: " بنا يستعطى الهدى، أي يطلب أن يعطى، وكذلك " يستجلى " أي يطلب جلاؤه.
ثم قال: إن الأئمة من قريش... إلى آخر الفصل.
* * *