اللهم فاسقنا غيثك، ولا تجعلنا من القانطين، ولا تهلكنا بالسنين، ولا تؤاخذنا بما فعل السفهاء منا، يا أرحم الراحمين.
اللهم إنا خرجنا إليك نشكو إليك مالا يخفى عليك، حين ألجأتنا المضايق الوعرة، وأجاءتنا المقاحط المجدبة، وأعيتنا المطالب المتعسرة، وتلاحمت علينا الفتن المستصعبة.
اللهم إنا نسألك ألا تردنا خائبين، ولا تقلبنا واجمين، ولا تخاطبنا بذنوبنا، ولا تقايسنا بأعمالنا.
اللهم انشر علينا غيثك وبركتك، ورزقك ورحمتك، واسقنا سقيا ناقعة مروية معشبة، تنبت بها ما قد فات، وتحيي بها ما قد مات، نافعة الحيا، كثيرة المجتنى، تروى بها القيعان، وتسيل البطنان، وتستورق الأشجار، وترخص الأسعار، إنك على ما تشاء قدير.
* * * الشرح:
تظلكم: تعلو عليكم، وقد أظلتني الشجرة واستظلت بها. والزلفة: القربة، يقول:
إن السماء والأرض إذا جاءتا بمنافعكم - أما السماء فبالمطر، وأما الأرض فبالنبات - فإنهما لم تأتيا بذلك تقربا إليكم، ولا رحمة لكم، ولكنهما أمرتا بنفعكم فامتثلتا الامر، لأنه أمر من تجب طاعته، ولو أمرتا بغير ذلك لفعلتاه. والكلام مجاز واستعارة، لان الجماد لا يؤمر، والمعنى أن الكل مسخر تحت القدرة الإلهية، ومراده تمهيد قاعدة الاستسقاء، كأنه يقول: إذا كانت السماء والأرض أيام الخصب والمطر والنبات لم يكن ما كان منهما محبة لكم، ولا رجاء منفعة منكم، بل طاعة الصانع الحكيم سبحانه فيما سخرهما له،