ولا تمل إلى صهر ولا ذي قرابة، ولا تعمل إلا لله، ولا تألو هذه الأمة أن تختار لها خيرها.
قال: فحلف له عبد الرحمن بالله الذي لا إله إلا هو، لأجتهدن لنفسي ولكم وللأمة، ولا أميل إلى هوى ولا إلى صهر ولا ذي قرابة. قال: فخرج عبد الرحمن، فمكث ثلاثة أيام يشاور الناس، ثم رجع واجتمع الناس، وكثروا على الباب لا يشكون أنه يبايع علي بن أبي طالب، وكان هوى قريش كافة ما عدا بني هاشم في عثمان، وهوى طائفة من الأنصار مع علي، وهوى طائفة أخرى مع عثمان، وهي أقل الطائفتين، وطائفة لا يبالون: أيهما بويع.
قال: فأقبل المقداد بن عمرو، والناس مجتمعون، فقال: أيها الناس، اسمعوا ما أقول، أنا المقداد بن عمرو، إنكم إن بايعتم عليا سمعنا وأطعنا، وإن بايعتم عثمان سمعنا وعصينا، فقام عبد الله بن أبي ربيعة بن المغيرة المخزومي، فنادى: أيها الناس، إنكم إن بايعتم عثمان سمعنا وأطعنا، وإن بايعتم عليا سمعنا وعصينا. فقال له المقداد: يا عدو الله وعدو رسوله وعدو كتابه، ومتى كان مثلك يسمع له الصالحون! فقال له عبد الله: يا بن الحليف العسيف (1)، ومتى كان مثلك يجترئ على الدخول في أمر قريش!
فقال عبد الله بن سعد بن أبي سرح: أيها الملا، إن أردتم ألا تختلف قريش فيما بينها، فبايعوا عثمان، فقال عمار بن ياسر: إن أردتم ألا يختلف المسلمون فيما بينهم فبايعوا عليا، ثم أقبل على عبد الله بن سعد بن أبي سرح، فقال: يا فاسق يا بن الفاسق، أأنت ممن يستنصحه المسلمون أو يستشيرونه في أمورهم! وارتفعت الأصوات، ونادى مناد لا يدرى من هو!
- فقريش تزعم أنه رجل من بنى مخزوم: والأنصار تزعم أنه رجل طوال آدم مشرف على الناس - لا يعرفه أحد منهم: يا عبد الرحمن، افرغ من أمرك، وامض على ما في نفسك فإنه الصواب.