طلحة يومئذ بالشام، وقال عمر: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قبض وهو عن هؤلاء راض، فهم أحق بهذا الامر من غيرهم، وأوصى صهيب بن سنان، مولى عبد الله بن جدعان - ويقال: إن أصله من حي من ربيعة بن نزار، يقال لهم عنزة - فأمره أن يصلى بالناس حتى يرضى هؤلاء القوم رجلا منهم، وكان عمر لا يشك أن هذا الامر صائر إلى أحد الرجلين: على وعثمان، وقال: إن قدم طلحة فهو معهم، وإلا فلتختر الخمسة واحدا منها. وروى أن عمر قبل موته أخرج سعد بن مالك من أهل الشورى، وقال: الامر في هؤلاء الأربعة، ودعوا سعدا على حاله أميرا بين يدي الامام. ثم قال: ولو كان أبو عبيدة ابن الجراح حيا لما تخالجتني فيه الشكوك، فإن اجتمع ثلاثة على واحد، فكونوا مع الثلاثة، وإن اختلفوا فكونوا مع الجانب الذي فيه عبد الرحمن.
وقال لأبي طلحة الأنصاري: يا أبا طلحة، فوالله لطالما أعز الله بكم الدين، ونصر بكم الاسلام، اختر من السلام خمسين رجلا، فائت بهم هؤلاء القوم في كل يوم مرة، فاستحثوهم حتى يختاروا لأنفسهم وللأمة رجلا منهم.
ثم جمع قوما من المهاجرين والأنصار، فأعلمهم ما أوصى به، وكتب في وصيته أن يولى الامام سعد بن مالك الكوفة، وأبا موسى الأشعري، لأنه كان عزل سعدا عن سخطة فأحب أن يطلب ذلك إلى من يقوم بالامر من بعده استرضاء لسعد.
قال الشعبي: فحدثني من لا أتهمه من الأنصار، وقال أحمد بن عبد العزيز الجوهري:
هو سهل بن سعد الأنصاري، قال: مشيت وراء علي بن أبي طالب حيث انصرف من عند عمر، والعباس بن عبد المطلب يمشى في جانبه، فسمعته يقول للعباس: ذهبت منا والله!
فقال: كيف علمت؟ قال: ألا تسمعه يقول: كونوا في الجانب الذي فيه عبد الرحمن، لأنه ابن عمه، وعبد الرحمن نظير عثمان وهو صهره، فإذا اجتمع هؤلاء! فلو أن الرجلين