المسلمين، وليس له وارث إلا الله والمسلمون، وأنا إمامكم وقد عفوت، أفتعفون عن عبيد الله ابن خليفتكم بالأمس؟ قالوا: نعم، فعفا عنه، فلما بلغ ذلك عليا تضاحك، وقال:
سبحان الله! لقد بدأ بها عثمان! أيعفو عن حق امرئ ليس بواليه! تالله إن هذا لهو العجب!
قالوا: فكان ذلك أول ما بدا من عثمان مما نقم عليه.
قال الشعبي: وخرج المقداد من الغد، فلقى عبد الرحمن بن عوف، فأخذ بيده، وقال:
إن كنت أردت بما صنعت وجه الله، فأثابك الله ثواب الدنيا والآخرة، وإن كنت إنما أردت الدنيا فأكثر الله مالك. فقال عبد الرحمن: اسمع، رحمك الله، اسمع! قال:
لا أسمع والله، وجذب يده من يده، ومضى حتى دخل على علي عليه السلام، فقال: قم فقاتل حتى نقاتل معك، قال على: فبمن أقاتل رحمك الله! وأقبل عمار بن ياسر ينادى:
يا ناعي الاسلام قم فانعه * قد مات عرف وبدا نكر أما والله لو أن لي أعوانا لقاتلتهم، والله لئن قاتلهم واحد لأكونن له ثانيا. فقال على:
يا أبا اليقظان، والله لا أجد عليهم أعوانا، ولا أحب أن أعرضكم لما لا تطيقون. وبقى عليه السلام في داره، وعنده نفر من أهل بيته، وليس يدخل إليه أحد مخافة عثمان.
قال الشعبي: واجتمع أهل الشورى على أن تكون كلمتهم واحدة على من لم يبايع، فقاموا إلى علي، فقالوا: قم فبايع عثمان، قال: فإن لم أفعل، قالوا: نجاهدك، قال: فمشى إلى عثمان حتى بايعه، وهو يقول: صدق الله ورسوله. فلما بايع أتاه عبد الرحمن بن عوف، فاعتذر إليه، وقال: إن عثمان أعطانا يده ويمينه، ولم تفعل أنت، فأحببت أن أتوثق للمسلمين، فجعلتها فيه، فقال: أيها عنك! إنما آثرته بها لتنالها بعده، دق الله بينكما عطر منشم (1).