الباقيين كانا معي لم يغنيا عنى شيئا، مع أنى لست أرجو إلا أحدهما، ومع ذلك فقد أحب عمر أن يعلمنا أن لعبد الرحمن عنده فضلا علينا. لعمر الله ما جعل الله ذلك لهم علينا، كما لم يجعله لأولادهم على أولادنا. أما والله لئن عمر لم يمت لاذ كرته ما أتى إلينا قديما، ولا علمته سوء رأيه فينا، وما أتى إلينا حديثا، ولئن مات - وليموتن - ليجتمعن هؤلاء القوم على أن يصرفوا هذا الامر عنا، ولئن فعلوها - وليفعلن - ليرونني حيث يكرهون، والله ما بي رغبة في السلطان، ولا حب الدنيا، ولكن لاظهار العدل، والقيام بالكتاب والسنة.
قال: ثم التفت فرآني وراءه فعرفت أنه قد ساءه ذلك، فقلت: لا ترع أبا حسن!
لا والله لا يستمع أحد الذي سمعت منك في الدنيا ما اصطحبنا فيها، فوالله ما سمعه منى مخلوق حتى قبض الله عليا إلى رحمته.
قال عوانة: فحدثنا إسماعيل، قال: حدثني الشعبي، قال: فلما مات عمر، وأدرج في أكفانه، ثم وضع ليصلي عليه، تقدم علي بن أبي طالب، فقام عند رأسه، وتقدم عثمان فقام عند رجليه، فقال علي عليه السلام: هكذا ينبغي أن تكون الصلاة، فقال عثمان: بل هكذا، فقال عبد الرحمن: ما أسرع ما اختلفتم! يا صهيب، صل على عمر كما رضى أن تصلى بهم المكتوبة، فتقدم صهيب فصلى على عمر.
قال الشعبي: وأدخل أهل الشورى دارا، فأقبلوا يتجادلون عليها، وكلهم بها ضنين، وعليها حريص، إما لدنيا وإما لآخرة، فلما طال ذلك قال عبد الرحمن: من رجل منكم يخرج نفسه عن هذا الامر، وختار لهذه الأمة رجلا منكم، فإني طيبة نفسي أن أخرج منها، وأختار لكم؟ قالوا: قد رضينا، إلا علي بن أبي طالب فإنه اتهمه وقال: أنظر وأرى فأقبل أبو طلحة عليه، وقال: يا أبا الحسن، ارض برأي عبد الرحمن، كان الامر لك أو لغيرك. فقال على: أعطني يا عبد الرحمن موثقا من الله لتؤثرن الحق ولا تتبع الهوى،