قال الشعبي: فأقبل عبد الرحمن على علي بن أبي طالب، فقال: عليك عهد الله وميثاقه، وأشد ما أخذ الله على النبيين من عهد وميثاق: إن بايعتك لتعملن بكتاب الله وسنة رسوله، وسيرة أبى بكر وعمر! فقال علي عليه السلام: طاقتي ومبلغ علمي وجهد رأيي، والناس يسمعون.
فأقبل على عثمان، فقال له مثل ذلك، فقال: نعم لا أزول عنه ولا أدع شيئا منه.
ثم أقبل على على فقال له ذلك ثلاث مرات، ولعثمان ثلاث مرات، في كل ذلك يجيب على مثل ما كان أجاب به، ويجيب عثمان بمثل ما كان أجاب به.
فقال: ابسط يدك يا عثمان، فبسط يده فبايعه، وقام القوم فخرجوا، وقد بايعوا إلا علي بن أبي طالب، فإنه لم يبايع.
قال: فخرج عثمان على الناس ووجهه متهلل، وخرج على وهو كاسف البال مظلم، وهو يقول: يا بن عوف، ليس هذا بأول يوم تظاهرتم علينا من دفعنا عن حقنا والاستئثار علينا! وإنها لسنة علينا، وطريقة تركتموها.
فقال المغيرة بن شعبة لعثمان: أما والله لو بويع غيرك لما بايعناه، فقال عبد الرحمن بن عوف: كذبت، والله لو بويع غيره لبايعته، وما أنت وذاك يا بن الدباغة، والله لو وليها غيره لقلت له مثل ما قلت الان، تقربا إليه وطمعا في الدنيا، فاذهب لا أبالك!.
فقال المغيرة: لولا مكان أمير المؤمنين لأسمعتك ما تكره. ومضيا.
قال الشعبي: فلما دخل عثمان رحله دخل إليه بنو أمية حتى امتلأت بهم الدار، ثم أغلقوها عليهم، فقال أبو سفيان بن حرب: أعندكم أحد من غيركم؟ قالوا: لا، قال:
يا بنى أمية، تلقفوها تلقف الكرة، فوالذي يحلف به أبو سفيان، ما من عذاب ولا حساب، ولا جنة ولا نار، ولا بعث ولا قيامة!