ثم قال: " إلى قدر معلوم، وأجل مقسوم " إلى متعلقة بمحذوف، كأنه قال: " منتهيا إلى قدر معلوم " أي مقدارا طوله وشكله إلى أجل مقسوم مدة حياته.
ثم قال: " تمور في بطن أمك " أي تتحرك. لا تحير، أي لا ترجع جوابا أحار يحير.
إلى دار لم تشهدها، يعنى الدنيا، ويقال: أشبه شئ بحال الانتقال من الدنيا إلى الأحوال التي بعد الموت، انتقال الجنين من ظلمة الرحم إلى فضاء الدنيا، فلو كان الجنين يعقل ويتصور كان يظن أنه لا دار له إلا الدار التي هو فيها، ولا يشعر بما وراءها ولا يحس بنفسه إلا وقد حصل في دار لم يعرفها، ولا تخطر بباله، فبقي هو كالحائر المبهوت وهكذا حالنا في الدنيا إذا شاهدنا ما بعد الموت.
ولقد أحسن ابن الرومي في صفة خطوب الدنيا وصروفها بقوله:
لما تؤذن الدنيا به من صروفها * يكون بكاء الطفل ساعة يولد (1) وإلا فما يبكيه منها وإنها * لأوسع مما كان فيه وأرغد!
إذا أبصر الدنيا استهل كأنه * بما سوف يلقى من أذاها يهدد قال: " فمن هداك إلى اجترار الغذاء من ثدي أمك؟ "، اجترار: امتصاص اللبن من الثدي، وذلك بالإلهام الإلهي.
قال: " وعرفك عند الحاجة "، أي أعلمك بموضع الحلمة عند طلبك الرضاع فالتقمتها بفمك.