فإن قلت: من أين للمدينة طواويس؟ وأين العرب وهذا الطائر حتى يقول أمير المؤمنين عليه السلام: " أحيلك من ذلك على معاينة " لا سيما وهو يعنى السفاد، ورؤية ذلك لمن تكثر الطواويس في داره ويطول مكثها عنده نادرة!
قلت: لم يشاهد أمير المؤمنين عليه السلام الطواويس بالمدينة بل بالكوفة، وكانت يومئذ تجبى إليها ثمرات كل شئ، وتأتي إليها هدايا الملوك من الآفاق، ورؤية المسافدة مع وجود الذكر والأنثى غير مستبعدة.
* * * واعلم أن قوما زعموا أن الذكر تدمع عينه، فتقف الدمعة بين أجفانه، فتأتي الأنثى فتطعمها فتلقح من تلك الدمعة، وأمير المؤمنين عليه السلام لم يحل ذلك، ولكنه قال:
ليس بأعجب من مطاعمة الغراب، والعرب تزعم أن الغراب لا يسفد ومن أمثالهم: " أخفى من سفاد الغراب " فيزعمون أن اللقاح من مطاعمة الذكر والأنثى منهما، وانتقال جزء من الماء الذي في قانصته إليها من منقاره. وأما الحكماء فقل أن يصدقوا بذلك، على أنهم قد قالوا في كتبهم ما يقرب من هذا، قالوا في السمك البياض: إن سفاده خفى جدا، وإنه لم يظهر ظهورا يعتد به ويحكم بسببه.
هذا لفظ ابن سينا في كتاب " الشفاء " ثم قال: والناس يقولون: إن الإناث تأخذ زرع الذكور في أفواهها إلى بطونها، ثم قال: وقد شوهدت الإناث منها تتبع الذكور مبتلعة للزرع، وأما عند الولادة فإن الذكور تتبع الإناث مبتلعة بيضها.
قال ابن سينا: والقبجة تحبلها ريح تهب من ناحية الحجل الذكر، ومن سماع صوته.
قال: والنوع المسمى مالاقيا، تتلاصق بأفواهها، ثم تتشابك، فذاك سفادها، وسمعت