وبينها وهما متلاصقان: أما وجدت مقعدا لكذا - لا تكنى عنه - إلا فخذي! ونحو ما روى أنه سايره يوما وأطال مناجاته، فجاءت وهي سائرة خلفهما حتى دخلت بينهما، وقالت: فيم أنتما فقد أطلتما! فيقال: إن رسول الله صلى الله عليه وآله غضب ذلك اليوم. وما روى من حديث الجفنة من الثريد التي أمرت الخادم فوقفت لها فأكفأتها، ونحو ذلك مما يكون بين الأهل وبين المرأة وأحمائها.
ثم اتفق أن فاطمة ولدت أولادا كثيرة بنين وبنات، ولم تلد هي ولدا، وأن رسول الله صلى الله عليه وآله كان يقيم بنى فاطمة مقام بنيه، ويسمى الواحد منهما " ابني " ويقول:
دعوا لي ابني ولا تزرموا (1) على ابني " و " ما فعل ابني " فما ظنك بالزوجة إذا حرمت الولد من البعل، ثم رأت البعل يتبنى بنى ابنته من غيرها، ويحنو عليهم حنو الوالد المشفق!
هل تكون محبة لأولئك البنين ولأمهم ولأبيهم، أم مبغضة! وهل تود دوام ذلك واستمراره، أم زواله وانقضائه!
ثم اتفق أن رسول الله صلى الله عليه وآله سد باب أبيها إلى المسجد، وفتح باب صهره، ثم بعث أباها ببراءة إلى مكة، ثم عزله عنها بصهره، فقدح ذلك أيضا في نفسها، وولد لرسول الله صلى الله عليه وآله إبراهيم من مارية، فأظهر علي عليه السلام بذلك سرورا كثيرا، وكان يتعصب لمارية، ويقوم بأمرها عند رسول الله صلى الله عليه وآله ميلا على غيرها، وجرت لمارية نكبة مناسبة لنكبة عائشة، فبرأها علي عليه السلام منها، وكشف بطلانها أو كشفه الله تعالى على يده، وكان ذلك كشفا محسا بالبصر، لا يتهيأ للمنافقين أن يقولوا فيه ما قالوه في القرآن المنزل ببراءة عائشة، وكل ذلك مما كان يوغر صدر عائشة عليه، ويؤكد ما في نفسها منه، ثم مات إبراهيم فأبطنت شماته، وإن أظهرت كآبة،